صفعة أمريكية لإسرائيل.. فلسطين تنتصر رغم التخاذل المصري

24.12.2016

فَعلها الرئيس الأميركي باراك أوباما في مجلس الأمن الدولي. ومهما كان السبب، أهو الفجور الاستيطاني المتزايد للاحتلال في الضفة الغربية والقدس ام الامتعاض الدولي العارم من توسع الاستيطان وجمود عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ام العلاقة السيئة بين اوباما ورئيس حكومة اسرائيل بنيامين نتنياهو، فإن طلقة الوداع الأميركية التي تمكنت من تمرير مشروع قرار إدانة المستوطنات أصابت كذلك التقاعس العربي عموما، وخصوصا المصري الذي استجاب لضغوط الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، بعدما حاول الأخير ان «يتوسط» لدفن المشروع، ثم الدعوة لنقضه.

وطالب مجلس الأمن أمس، اسرائيل بوقف الاستيطان في الاراضي الفلسطينية المحتلة في قرار تبناه، بعدما امتنعت الولايات المتحدة عن التصويت عليه في خطوة نادرة، مع تأييد 14 عضواً.

وفي وقت كان التصفيق يعلو في قاعة المجلس بعد تبني القرار، وكان الفلسطينيون يحتفلون بهذا النصر الرمزي، اعتبرت اسرائيل على لسان مسؤوليها ووزرائها أن اميركا تخلت عنها، رغم ان القرار لن يكون له أي مفعول على الأرض المحتلة، في ظل عدم اعتراف اسرائيل بأي قرارات اممية او دولية، أو امتثالها لها، وفي ظل انتظارها لطي صفحة اوباما، والعمل من جديد مع رئيس لم يبخل في إظهار دعمه لها.

وجاء التصويت، والقرار الذي هو الاول الذي يصدره المجلس حيال النزاع الفلسطيني ـ الإسرائيلي في ثمانية اعوام بمبادرة من اربع دول هي نيوزيلندا وماليزيا والسنغال وفنزويلا وتناول مشروع قرار كانت اقترحته مصر أمس الاول قبل ان تتراجع عنه بضغط من الرئيس الاميركي المنتخب دونالد ترامب.

وقال السفير الاسرائيلي لدى المنظمة الدولية داني دانون ان بلاده توقعت ان تلجأ واشنطن الى الفيتو «ضد هذا القرار المشين»، معبراً عن ثقته «بان الادارة الاميركية الجديدة والامين العام الجديد للأمم المتحدة سيبدآن مرحلة جديدة على صعيد العلاقة بين الامم المتحدة واسرائيل».

ويطلب القرار ان «توقف اسرائيل فوراً، وفي شكل تام، كل الانشطة الاستيطانية في الاراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية»، معتبراً المستوطنات الاسرائيلية «بلا اي اساس قانوني، وتعوق في شكل خطير فرصة حل الدولتين» الذي يقضي بإقامة دولة فلسطينية مستقلة الى جانب اسرائيل.

وقالت السفيرة الاميركية لدى الأمم المتحدة سمانثا باور إن استمرار البناء الاستيطاني «يقوض بشكل خطير أمن إسرائيل»، مضيفة أن «الولايات المتحدة ترسل رسالة سرا وعلنا منذ حوالي خمسة عقود بأن المستوطنات يجب أن تتوقف». وقالت باور ان واشنطن لن تتقبل فكرة الاستمرار في الخطوات الاستيطانية في هذه المرحلة الانتقالية في البيت الابيض.

واعتبرت باور أنه «لا يمكن للمرء أن يدافع عن توسيع المستوطنات الإسرائيلية وفي الوقت ذاته يدافع عن حل للدولتين تتوفر له مقومات الاستمرار لإنهاء الصراع».

وتعليقا على القرار الدولي، اكد المتحدث الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة ان القرار هو «صفعة كبيرة للسياسة الاسرائيلية وادانة بإجماع دولي كامل للاستيطان ودعم قوي لحل الدولتين».

بدوره، قال امين سر «منظمة التحرير» صائب عريقات ان «يوم 23 كانون الاول هو يوم تاريخي، وهو انتصار للشرعية الدولية والقانون الدولي والمواثيق الدولية، خاصة انه يعتبر الاستيطان لاغياً وباطلاً وغير شرعي»، مؤكداً أن «العالم باسره اليوم قال إنه لن يعترف باي فرض للحقائق والاستيطان لاغ وباطل والطريق الى السلام والامن فقط بإقامة دولة فلسطينية».

وفي المقلب الإسرائيلي، كان الإحباط من خطوة اوباما سيد الموقف، بعد يومين من محاولات التوسط عند الرئيس المنتخب دونالد ترامب للضغط على مصر، إثر معلومات مؤكدة بان الإدارة الأميركية ستمتنع عن التصويت.

وقال وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينتز إن الولايات المتحدة تخلت عن إسرائيل بامتناعها عن التصويت، معتبراً أن «هذا ليس قراراً ضد المستوطنات. إنه قرار ضد إسرائيل. ضد الشعب اليهودي والدولة اليهودية. الولايات المتحدة تخلت الليلة عن صديقها الوحيد في الشرق الأوسط».

وكان مسؤول اسرائيلي كبير اتهم امس قبل التصويت على القرار اوباما ووزير الخارجية جون كيري بالوقوف خلف مشروع القرار الاممي.

وقال المسؤول ان «الرئيس اوباما والوزير كيري يقفان خلف التحرك المشين ضد اسرائيل في الامم المتحدة»، مضيفاً أن «الادارة الاميركية دبرت سرا مع الفلسطينيين ومن خلف ظهر اسرائيل قراراً متطرفاً معادياً لإسرائيل، سيفيد الارهاب وحركة المقاطعة ويؤثر في شكل فاعل على جعل الحائط الغربي (حائط المبكى - البراق) جزءاً من الاراضي الفلسطينية».

وقال المسؤول: «بإمكان الرئيس الاميركي ان يعلن رغبته في استخدام حق الفيتو ضد القرار لكنه شجعه بدلا من ذلك»، معتبراً أن «هذا يعني التخلي عن اسرائيل ويخالف السياسة الاميركية التي تعمل منذ عقود على حماية اسرائيل في الامم المتحدة. كما انه يقوض فرص العمل مع الادارة الاميركية المقبلة من اجل تقدم عملية السلام».