روسيا والغرب على الميزان الاخلاقي
دخلت العقد السابع من عمري وانا مازلت مدمنا على القراءة والكتابة بمعدل وسطي خمس ساعات في اليوم. لم انتسب لاي حزب حتى لا أقع تحت وصايته الفكرية، غير موظف باية جهة رسمية ولا اطمح باي وظيفة. وبالتالي، فانا لست واقعا تحت تأثير اي جهة على الاطلاق واكتب ما اكتبه بدافع من قناعتي المدعمة بالادلة والوثائق.
شهادتي التي اقدمها للتاريخ ولا انتظر الشكر من احد عليها هي:
الشعب الروسي من اطيب شعوب الارض. اقولها بعد ان عشت بينهم حتى الان 25 سنة. الروسي يحب بصدق، يساعد بدون مقابل، يسامح بدون حقد.
كلمة صديق بلغته تلفظ "دروك" وهي جذر كلمة "دروكوي" والتي تعني الشخص الاخر. فاي شخص اخر هو صديق بالنسبة للروسي حتى يثبت ذلك الشخص الاخر العكس.
في الوقت نفسه، لم اجد دولة تحاول وسائل الاعلام الغربية شيطنتها اكثر من روسيا.
استمعت الى الكلمات التي القاها مندوبوا فرنسا وانكلترا وامريكا في الاجتماع الطارئ لمجلس الامن بخصوص حلب وانا مصاب بالدهشة من هذا الكذب الفاضح، وهذا التزييف في الوقائع لتصوير روسيا كدولة اجرامية.
وتصوير انفسها كدول تدافع عن حقوق الانسان. لذا، اقدم هذه اللمحة عن سياسات الدول المذكورة مقارنا اياها مع سياسة الدولة الروسية وذلك باختصار شديد.
روسيا:
في كل المناطق التي ضمتها روسيا لامبراطوريتها لم تكن هناك اية معالم حضارية. لم تكن هناك مدارس ولا مستوصفات ولا مصانع ولا طرقات ولا كهرباء ولا غاز ولا انظمة صرف صحي ولا تدفئة مركزية ولاضمان صحي ولا رواتب تقاعدية ولا نظام امني ولا نظام دفاع ولا وثائق اثبات شخصية. في كل المناطق التي ضمتها روسيا الى امبراطوريتها يتوفر اليوم كل ذلك.
عدا عن ذلك، فشعوب روسيا لم تكن تمتلك ابجديات خاصة لكتابة لغاتها ولم تكن لديها قواميس للحفاظ على لغاتها القومية ولم تكن لها فرق فنية للحفاظ على فلكلورها ولا علماء لجمع تراثها الشفهي للحفاظ عليه من الضياع. العلماء الروس وفروا لتلك الشعوب كل ذلك. بفضل روسيا جرى محو الامية في كل اصقاع الاتحاد الروسي وتحول ابناؤها الى علماء ومهندسين واطباء ومحامين وضباط وبرز منهم الكتاب والشعراء والممثلون والمطربون ولم تضطهد روسيا اي مبدع بسبب قوميته او دينه ولدي الاف الامثلة.
وعندما تأسس الاتحاد السوفيتي تحولت الدول التي دخلت الاتحاد الى دول صناعية متطورة حيث انتقلت معظمها من عصر الرعي والزراعة البدائية الى عصر الفضاء والذرة.
وبالنسبة لدول الكوميكون وبقية الدول الصديقة فان الاتحاد السوفيتي قدم لها مساعدات بمئات المليارات من الدولارات، بنى في بلادهم السدود مثل السد العالي وسد الفرات التي رفضت الدول الغربية تمويلها. فتحت المدارس والمشافي ودور الاطفال، حاربت الخرافات وحاولت تحرير العقول في الوقت الذي كانت بريطانيا تنشر الحشيش في الدول التي تستعمرها. وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي قامت الدولة الروسية بشطب كافة ديونها على الدول الاخرى. اما الدول الاوربية فقد طالبت روسيا بديون القياصرة مع كامل فوائدها خلال عشرات السنين.
امريكا:
امريكا هي دولة اجرامية بامتياز، فهي أبادت عشرات الملايين من البشر تحت ستار نشر الحضارة والحرية والديموقراطية.
وهي اول من استخدمت السلاح الجرثومي والكيميائي وقد شنت حتى الان 93 حربا جرثومية وكيمائية ضد شعوب العالم. وهي اول واخر من استخدم القنابل الذرية ضد السكان المدنيين، وهي الوحيدة التي استخدمت اليورانيوم المخصب ضد المدنيين. وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية قامت بالاعتداء على استقلال 46 دولة عضو في الامم المتحدة. من اجل تنفيذ اعمالها الاجرامية بحق شعوب العالم خصصت امريكا 612 مليار دولار كميزانية للدفاع لعام 2016 وهي تعادل 39% من مجمل الانفاق العالمي على التسلح بينما بلغ الانفاق الروسي على التسلح 5% فقط من مجمل الانفاق العالمي.
ما تقوم به امريكا من جرائم على كامل مساحة الكرة الارضية لا تجري نتيجة نزوات بعض قادتها بل، ناتجة عن ايديوجية وعقيدة ثابتة يؤمنون بها. الامريكيون لايندمون على جرائمهم لانهم يعتقدون انهم يقومون باعمال لخدمة الانسانية.
حسب العقيدة الامريكية فان الغاية تبرر الوسيلة، وغاية امريكا هي ابادة الشعوب التي لا تخضع لها بتهمة مقاومة رسالة امريكا الحضارية.
ويقول جورج كيرنان ان غاية امريكا هي التفوق العسكري والاقتصادي على العالم. ويقول حضرته إنه حتى تتحقق هذه الغاية يجب أن نستغني عن العواطف وأحلام اليقظة. يجب أن نوقف الكلام عن الأهداف الغامضة وغير الحقيقية، مثل حقوق الإنسان، والديمقراطية.
والغريب بالامر ان امريكا تغزو العالم تحت شعارات حقوق الانسان ونشر الديموقراطية.