روسيا تعزز الربط في قلب "أوراسيا العظمى"
تتوسع روسيا من أوروبا إلى آسيا حيث تهدف إلى إنشاء منطقة أوراسية كبيرة، وتوحيدها في نطاق يمتد من المحيط الأطلسي إلى المحيط الهادي. حيث تعتبر روسيا أن المساحة الممتدة من لشبونة إلى فلاديفوستوك، ليست تابعة لأوروبا. وكذلك الأمر المناطق الممتدة من البرتغال إلى إندونيسيا لا تتبع لأوراسيا. وهذا ما يعرف بالتكامل القاري الذي بدأ وسيستمر حتى لو لم تملك أوروبا القوة للانضمام إليه.
يعتبر رئيس الوزراء الهندي "ناريندا مودي" ضيفا سنويا في المنتدى الاقتصادي الشرقي في روسيا، بل إن "شينزو آبي" أيضا يحضر المنتدى كل عام. وكذلك رئيس الوزراء الماليزي "مهاتير محمد" البالغ من العمر 94 عام كان حضوره للمرة الأولى هذا العام. كان يحضر المنتدى في السنوات السابقة بشكل أساسي قادة دول الشرق الأقصى (كوريا واليابان والصين). انضمت إليهم حاليا دول جنوب وجنوب شرق آسيا.
يُتوقع قريبا زيارة بوتين لأندونيسيا، التي تعتبر سابع أعظم اقتصاد عالمي، وأعظم دولة إسلامية. قام بوتين بهذه الزيارة الرسمية لمرة واحدة فقط وذلك منذ زمن طويل جدا. كما زار بوتين في عام 2013 منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادي ( يسعى هذا المنتدى لتشجيع التعاون الاقتصادي في منطقة آسيا و دول المحيط الهادي).
ازدادت قوة العلاقات بين روسيا والدول المجاورة لها، بعد القمة بين روسيا و رابطة دول جنوب شرق آسيا والتي تسمى(آسيان) وهي (رابطة تضم10 دول من جنوب شرق آسيا، شعارها: رؤية واحدة، هوية واحدة، مجتمع واحد). وذلك في شهر تشرين الثاني، في سينغافورة. لكن التعاون الثنائي بينهما لم يقف عند هذا الحد فقط.
تقدم روسيا عدة مشاريع اقتصادية قائمة في أوراسيا. كما قيل في حديث ، نائب وزير الخارجية الروسي "إيغور مورجولوف" في المنتدى الاقتصادي الشرقي، إن مفهوم الشراكة الأوراسيا الكبرى مفتوح لجميع البلدان والجمعيات.
تعتبر روسيا أن كلا من (الاتحاد الاقتصادي الأوراسي، وبرنامج الاتجاه الواحد أو الحزام الواحد الصيني" وهو مبادرة صينية أقيمت على أنقاض طريق الحرير، من أجل ربط الصين بالعالم لتكون أكبر مشروع بنية تحتية في تاريخ البشرية"، والسوق المشتركة لأمم جنوب شرق آسيا، وتقارب الاقتصادات في دول منظمة شنغهاي للتعاون)والاتحاد الأوروبي. تجتمع مع بعضها لتكون مقومات أوراسيا العظمى. لا تشكل هذه الشراكة سوق ضخمة فقط، إنما تعتبر أقوى كتلة في العالم.
ماهو هدف الشراكة بين هذه البلدان؟
تهدف الشراكة الأوراسية إلى إقامة تقارب اقتصادي بين بلدان أوراسيا (الاتحاد الأوراسي) بما يلبي مصالحها الخاصة. ولا يتعلق الهدف باتحاد سياسي أو عسكري. بغض النظر عن عدد التناقضات والنزاعات بينها ، بما في ذلك الإقليمية ، كما هو الحال بين الهند وباكستان أو الصين ودول جنوب شرق آسيا ، فهناك الكثير من المصالح المشتركة. فالشيء الرئيسي المهم هو أن تحقق مصيرك بنفسك.
عرض رئيس الوزراء الماليزي "مهاتير محمد" على الدول الإسلامية إنشاء عملتها الخاصة لتحل محل الدولار والعملات الأوروبية. لكنهم لم يستمعوا، أو بالأحرى كانوا يخشون الاقتراب، مدركين أن كل الروافع كانت في أيدي "مالكي الكازينو"، أي مبدعي النظام النقدي والمالي الحديث. ولكن اليوم، أصبحت مسألة الانتقال إلى حقبة ما بعد الدولار ناضجة ومنتشرة بالفعل. وفي منطقة أوراسيا الكبرى على وجه التحديد.
كانت أفغانستان منذ 40 عامًا مصدر توتر ليس فقط لآسيا الوسطى، وكذلك لدول أوراسيا المجاورة، ويجب وضع حد للمأساة الأفغانية، مع ضمان أن الأميركيين الذين لا علاقة لهم بأفغانستان يغادرون البلاد ولايمكن حل المشكلة النووية الكورية البعيدة المدى إلا من قبل سكان أوراسيا نفسهم .التي نشأت كرد فعل بيونغ يانغ الدفاعي للتهديدات الأمريكية. فمن الممكن بناء جسر بين سخالين وهوكايدو وروسيا واليابان.
يعتبر دور روسيا في خلق أوراسيا الكبرى فريد من نوعه. لا يقتصر الأمر على الدولة الوحيدة الموجودة في أوروبا وآسيا، بل في رغبتنا في العمل المتكامل وفقا لمختلف المصالح وحتى المتضاربة منها.
إننا على عكس الأطلسيون نعتمد على الحد من التوتر في مواقف المنافسين، وليس على إثارة التناقضات، ونقلهم إلى مرحلة المواجهة، وإضعاف الجانبين وفرض إرادتنا ومصالحنا عليهم. بالطبع، علاوة على كل شيء، فإن روسيا مستقلة وقوية في الروح والجيش، وهي غنية بالموارد المعدنية لكن قيمتنا الرئيسية في أوراسيا تكمن تحديداً في دورنا الفريد كصلة تواصل أو واسطة بين الدول التي لا يوجد تواصل بينها. هذا هو سبب حاجة روسيا إلى الجميع في أوراسيا، وهذه هي الورقة الجيوسياسية الرابحة الآن.
لا يمكن أن تقوم جمعية أوراسيا الكبرى بجهود روسيا وحدها. لكن روسيا هي العنصر الرئيسي في تأسيها.