عرب عراة و...حفاة
بعد الآن، لا احد في هذا العالم، وفي العالم الآخر، يستطيع ان يهز العرش في المملكة العربية السعودية. هل اخذ آيات الله علماً بذلك؟
الامير محمد بن سلمان اكتشف «كعب اخيل» في شخصية دونالد ترامب. رجل لا يفهم سوى لغة المال. هذه هي اميركا.
وكنا قد روينا قصة الديبلوماسي الاميركي موريس درايبر الذي كان بمثابة الوسيط في محادثات خلدة وكريات شمونة بين لبنان واسرائيل والتي افضت الى اتفاق 17 ايار.
القصة رواها لنا محاسب لبناني في السفارة الاميركية. قال لنا انه فوجئ ذات يوم بدرايبر وهو يقدم له فاتورة بـ 35 قرشاً ثمن سندويتش فلافل من مطعم متواضع في منطقة خلدة.
الذي فوجئ اكثر، وكما ذكر احد المرافقين، هو صاحب المطعم المسكين الذي لم يتعرض لمثل تلك التجربة من قبل، اذ راح يبحث عن ورقة ليسجل عليها انه قبض من الديبلوماسي الاميركي الذي كان يواكبه رتل من السيارات نقداً وعداً ذلك المبلغ الهائل.
الآن، المبلغ اكثر من ذلك بكثير. امير عربي لم يشترِ لوحة الموناليزا، ولا الفستان الاخير لمارلين مونرو،ولا الكرسي الذي كانت تجلس عليه الملكة فيكتوريا. ايها الناس،امير عربي اشترى الامبراطور الاميركي.
380 مليار دولار. يا للرقم السحري الذي لابد ان تستتبعه مئات المليارات من دول عربية ثرية اخرى لا نستطيع الا ان تقتفي اثر المملكة لتضمن بقاءها الى اشعار آخر.
الأمير فعل اكثر من ذلك. غسل يدي المملكة من كل ما يحكى عن دورها في انتاج الايديولوجيات العمياء، لابل ترك لبعض المعلقين ان يوحوا لدونالد ترامب بأن قطر ليست فقط عرّابة «الاخوان المسلمين» بل هي من تموّل تنظيم «القاعدة» ومشتقاته.
لاحظتم البيان الغاضب للدوحة التي لاشك ان دورها سيكون ثانوياً في الحقبة المقبلة. لندع اسرائيل جانباً، وقد اعدت لاستقبال الضيف الاميركي، مشروعاً للدولة الفلسطينية في قطاع غزة،مع اقامة جزيرة اصطناعية ينشأ فيها ميناء جوي وبحري.
لا، لا، الامير لم يشتر الرئيس الاميركي الذي تقض مضاجعه الفضائح، بل اشترى بعضاًمن مراكز القوى، ومن خلال الاستثمارات او الصفقة الخيالية،لكي تحمي دونالد ترامب من الضربات على الظهر، وسواء اتت من «النيويورك تايمز» و «الواشنطن بوست» والـ «سي. إن. إن» او من السلطات القضائية والاجهزة الاستخباراتية التي تلاحقه حتى في الفراش.
يفترض بقطر ان تستسلم للامر الواقع. المملكة هي السيدة الاميركية في المنطقة. لا كلمة تعلو فوق كلمة ولي ولي العهد السعودي الذي يصفه بعض صحافيي البلاط بأنه المؤسس الثاني للمملكة العربية السعودية بعدما كان جده عبد العزيز آل سعود المؤسس الاول.
وعلى ايران ان تعلم بأنها امام هذه الخيارات: الاختناق او الانفجار او الاستسلام، وان كانت المعلومات تشير الى ان ترامب الذي بهرته المظاهر الاسطورية للحفاوة اسقط الخيار العسكري الذي طالما سعى اليه اركان المملكة.
بعد كل تلك الضوضاء، هل يمكن لاي دولة في العالم ان تراهن على «الرؤية الاستراتيجية»، وعلى «الشراكة» مع رجل بمثل تلك الهشاشة، وبمثل تلك الضحالة؟ ومن يضمن ان الايرانيين الذين لديهم اوراقهم الكثيرة في ارجاء المنطقة سيرفعون الرايات البيضاء؟.
ليس الايرانيون وحدهم. الروس ايضاً وايضاً. منذ عقود طويلة والمال العربي يذهب هباء. مبلغ 380 مليار دولار لا يقدم ولا يؤخر. استراتيجية دونالد ترامب: عرب عراة و... حفاة.