قمة طهران الثلاثية تركزت على إدلب والشمال السوري

08.09.2018

لم تسفر قمة طهران حول ادلب عن قرار حاسم، فالأطراف الثلاثة – روسيا، ايران، تركيا - تمسكت بمواقفها، وفضلت تأجيل مصير تطهير المنطقة من معاقل الإرهاب، وفشلت في الاتفاق على وقف إطلاق النار في محافظة ادلب في شمال غرب سوريا آخر معقل للمتمردين في البلاد، و التي ترتقب تقدم الجيش السوري لاستعادتها.

غير أن الطرف الايراني يثمن القمة، ويصفها بالناجحة، وهو ما أكده حسن بهشتي بور الخبير الايراني بشأن القضايا المتصلة بروسيا وأوراسيا،  قائلا "إن الاجتماع الثلاثي في طهران بين الرؤساء الإيرانيين والرئيس الروسي  له أهمية ثلاثية الأبعاد.

أولا: في الواقع ، تتيح هذه القمة فرصة لإنهاء الإرهابيين العاملين في محافظة ادلب بالتنسيق مع الحكومة السورية، يبدو أنه بفضل التعاون بين إيران وروسيا وتركيا ، سوف يتم إحباط جميع المؤامرات التي تحاكها الولايات المتحدة.

ثانيا: بينما فرضت واشنطن عقوبات ضد هذه الدول الثلاث، فإن التعاون على أعلى مستوى بين طهران وموسكو وأنقرة سيرسل رسالة هامة إلى الولايات المتحدة وحلفائها، وهم إسرائيل والمملكة العربية السعودية يمكن تحليل هذه الرسالة من عدة وجهات نظر، أهمها  أنها تشير إلى نهاية الأحادية، وأن الولايات المتحدة لن تكون قادرة على فرض مطالبها على شعوب وحكومات المنطقة، وإن استمرار وجود الرئيس الأسد في قمة هرم السلطة والقضاء على الإرهاب في سوريا يشهدان على ذلك.
ثالثا: تنظيم مثل هذا الاجتماع في طهران، والتي لها تأثير حاسم على مستقبل الأمن في منطقة الشرق الأوسط، وربما يعتبر نجاحا كبيرا بالنسبة لإيران لأنه يثبت أنه على الرغم من الضغوط من أجل عزل إيران على الساحة الدولية، نجحت طهران في ترسيخ نفسها كلاعب رئيسي في التنسيق، والتعاون السياسي، والأمني على الساحة الإقليمية.

وخلص الخبير قائلا : "مهما كانت نتيجة القمة بين إيران وروسيا وتركيا الثلاثية في طهران فإنها تعكس بلا شك إرادة إيران لاستعادة السلام، والأمن في المنطقة من خلال جهود دبلوماسية على أعلى مستوى،  وبدون أدنى شك، فإن دبلوماسية ثلاثية، يمكن أن تصبح في المستقبل شراكة خماسية مع مشاركة سوريا، والعراق ، ستدير الأزمة تماما في الشرق الأوسط. "
والسؤال الذي يطرح نفسه : هل فشل رؤساء كل من تركيا وإيران، وروسيا في الاتفاق على وقف لإطلاق النار من شأنه أن يحبط هجوم الحكومة السورية في محافظة ادلب ؟
الحل العسكري في إدلب سيعرقل عملية السلام ويفاقم الوضع الانساني في سوريا

بخصوص ذلك أكد البيان المشترك الذي انبثق عن القمة الثلاثية على ضرورة القضاء على الجماعات الارهابية في سوريا، والمتمثلة في جبهة النصرة، (داعش)  وأجمعوا على أن  خيار التسوية السياسية من خلال المفاوضات هو الحل الأمثل لإنهاء الصراع، وأي حل عسكري في ادلب من شأنه أن يعيق عملية السلام  في سوريا وكل الجهود المبذولة، وهذا ما ميز فحوى اقتراح هدنة من طرف أردوغان، بالرغم من تحفظ الرئيس  بوتين  قائلا  " لا يوجد ممثلون للجماعات المسلحة  عن جبهة النصرة، أو داعش مخول للتفاوض على وقف إطلاق النار.."
ويرى الرئيس التركي، أن استمرار القصف، وإطلاق هجوم في إدلب من شأنه أن يمثل "انهيار عملية التسوية السياسية" في سوريا، مؤكدا أن بلاده لا تستطيع مواجهة تدفق جديد من اللاجئين السوريين، والذين يفوق عددهم ثلاثة ملايين ونصف المليون في تركيا.

كما شدد الزعماء الثلاث العزم على مواصلة التعاون النشط لدفع العملية السياسية إلى الأمام وفق قرارات مؤتمر الحوار الوطني في سوتشي، وقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 ، ورفض أية محاولات لتقسيم سوريا بذريعة محاربة الإرهاب وهو ما أكد عليه روحاني "إن مكافحة الإرهاب في إدلب أمر ضروري لاستعادة السلام، والاستقرار في سوريا، ولكن هذه المعركة يجب أن تجنب المدنيين، والأرض المحروقة" ..

وقال أيضا إنه ينبغي على الولايات المتحدة إنهاء وجودها في سوريا ، في حين قال أردوغان إن تركيا "منزعجة للغاية" من دعم واشنطن لميليشيا القوات المسلحة الكردية ، التي تعتبرها أنقرة إرهابية مرتبطة بالانفصاليين الأكراد في تركيا.

كما دعا البيان الأمم المتحدة، والمجتمع الدولي إلى زيادة المساعدات الإنسانية إلى سوريا والمساعدة في استعادة أصول البنية التحتية الأساسية.
بالمقابل كان اجتماع  مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لمناقشة وضع إدلب  بناء على طلب الولايات المتحدة، حيث قال وسيط الأمم المتحدة في سوريا ستافان دي ميستورا أن هناك "كل العناصر اللازمة لعاصفة كاملة ،".وقال أيضا "إن المخاطر عميقة لدرجة أن أي معركة في ادلب يمكن أن تكون معركة مروعة ودموية".

أخيرا كل مايمكن قوله حول نتائج القمة  يتلخص في تكريس روح التعاون التي تميز عملية أستانا"، وهي العملية التي  أطلقتها الدول الثلاث الضامنة " ايران، روسيا، تركيا " في محاولة لتحقيق السلام في سوريا  لتبقى ادلب المعركة الحاسمة، وربما الأخيرة  في حرب عمرها سبعة أعوام أسفرت عن مقتل أكثر من نصف مليون شخص، وأجبرت 11 مليونا على الفرار من ديارهم.