نيويورك تايمز تهلوس: بوتين يحكم أمريكا
عندما قرأت هذا المقال، اعتقدت أنه كان صورة كاريكاتورية لأخبار مزيفة، ولكن بعد ذلك أدركت أنه مقال في صحيفة "نيويورك تايمز". وكوني متأكد أن هذه المنظمة المتعجرفة هي إحدى أهم مزودي الأخبار المزورة، توصلت إلى استنتاج أن "جوليان إي بيلز" و"ماثيو روزنبرغ" يصدقون الهراء الذي يكتبوه.
فيما يلي نظرة عامة على الأمور الخيالية التي كتبها الصحفيان في صحيفة نيويورك تايمز:
"كان لدى المخابرات الأمريكية مخبرين مقربين من الرئيس فلاديمير بوتين وفي الكرملين والذين قدموا تحذيرات عاجلة وصريحة حول نوايا روسيا في محاولة إجراء الانتخابات الرئاسية الأمريكية 2016. لم يتم القيام بأي شيء من قبل المخابرات الأمريكية التي كان لديها معلومات داخلية من الكرملين نفسه حول أن بوتين كان على وشك سرقة ترامب في الانتخابات الأمريكية. من المؤكد أن "برينان" مدير وكالة المخابرات المركزية و "كومي" مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي، وكلاهما من حلفاء هيلاري كلينتون، لم يكونا موافقين على سرقة بوتين للانتخابات لصالح ترامب. لكن جلس برينان وكومي مكتوفي الأيدي وسمحا لبوتين بسرقة الانتخابات لصالح ترامب".
من الواضح أن مقالة نيويورك تايمز هذه خدعة كتبها البلهاء. إن الادعاء بأن مؤامرة بوتين / ترامب تم تسريبها إلى المخابرات الأمريكية من داخل الكرملين هو اختراع للمساعدة في توفير خلفية تاريخية في محاولة لتعزيز مصداقية التدخل الروسي في الولايات المتحدة الموجه ضد الرئيس ترامب.
يقول "بيلز" و "روزنبرغ" أن "بوتين يواصل حيله القذرة، لكن الخونة الروس داخل الكرملين وداخل دوائر بوتين المغلقة صمتوا، وحرمونا من المعلومات حول كيف سيسرق الروس الانتخابات النصفية. تشير البدايات إلى أن مخبري واشنطن داخل حكومة بوتين قد صمتوا لتجنب التعرض للقتل مثل التسمم الذي حدث في شهر آذار في بريطانيا لضابط استخبارات روسي سابق".
يرفض "بيلز" و"روزنبرغ" الاعتراف بحقيقة أنه لم يتم تقديم أي دليل يدعم الهجوم المزعوم على سكريبال. لا يوجد أي دليل على الإطلاق على أن عامل الأعصاب القاتل المزعوم قد تم صنعه في روسيا، ولا يوجد تفسير لماذا كان عامل الأعصاب القاتل غير مميت. الاستنتاج الوحيد الممكن من الغياب الكامل لأي دليل هو أنه لم يحدث مثل هذا الهجوم. إنها مجرد خدعة دعائية أخرى ضد روسيا.
ودليل آخر على أن هذا الهجوم غير موجود، هو أن بريطانيا ترفض مشاركة تحقيقاتها، إذا كان هناك تحقيقات فعلاً.
يقترح الصحفيان أن لجنة الاستخبارات التي شجعها الرئيس ترامب، قامت بجمع معلومات استخبارية من خلال إخراج مخبر من مكتب التحقيقات الفيدرالي، تاركة واشنطن في الظلام حول نوايا بوتين الدقيقة.
ما هي مصادر خيال "نيويورك تايمز هذا؟ لا يمكن أن تخبرنا المؤسسة. وكالات الاستخبارات الأمريكية لم تكن قادرة على قول ما هي نوايا الرئيس بوتين بالتحديد: ربما كان يحاول إمالة الانتخابات، وببساطة زرع الفوضى أو تقويض الثقة في العملية الديمقراطية. لكن نيويورك تايمز تعلم أن بوتين يخطط لشيء، وحذر كبار مسؤولي الاستخبارات، بما في ذلك دان كوتس، مدير الاستخبارات الوطنية، أن الروس عازمون على تقويض المؤسسات الديمقراطية الأميركية."
تقوم واشنطن بشكل روتيني بتفكيك المؤسسات الديمقراطية في دول أخرى، مثل هندوراس وفنزويلا وإيران وأوكرانيا وإندونيسيا.
تمول واشنطن مرشحي المعارضة الذين اشترتهم، واستخدمت العديد من المنظمات غير الحكومية الممولة من الصندوق الوطني للديمقراطية، جورج سوروس، والمعهد الجمهوري الدولي، والعديد من المجموعات الأمامية الأخرى لتخريب الدول غير المتعاونة مع واشنطن. حتى أن لدى واشنطن منظمات غير حكومية عاملة في روسيا حيث يتم السماح لها حتى من قبل الحكومة الروسية بامتلاك الصحف. ويتم تنظيم جميع الحجج المناهضة لبوتين من قبل واشنطن باستخدام المنظمات غير الحكومية التي تمولها واشنطن.
ومع ذلك، لا تملك روسيا منظمات غير حكومية عاملة في الولايات المتحدة، على النقيض من إسرائيل، فإنها لا تملك الكونجرس والبيت الأبيض. إذن كيف بالضبط، يقول مدير الاستخبارات الوطنية "دان كوتس"، أن الروس سيقوضون "المؤسسات الديمقراطية الأمريكية؟"
لا تتوقع إجابة.
حاول أن تفهم إهانات ناخبين ترامب باتهام بأنهم دمى لبوتين: يصور ناخبوا ترامب على أنهم قتلة لا يستطيعون التفكير بأنفسهم. لو كانوا كذلك، لكانوا قد صوتوا لصالح هيلاري حتى تتمكن أمريكا من إثبات هروبها من كره المرأة والهيمنة الذكورية من خلال انتخاب رئيسها الأول في أعقاب رئيسها الأسود الأول. وقد أنفقت شركة إنترنت روسية تحاول جذب المعلنين ما يزيد عن 100 ألف دولار. فالمؤامرة الروسية قوية للغاية لدرجة أن الدولار الذي تنفقه روسيا أقوى بآلاف المرات من الدولار الذي تنفقه وول ستريت.
في القصة الرسمية، لم يصوت أي أمريكي لصالح ترامب لأنه تم نقل وظائفهم إلى آسيا أو المكسيك من قبل الشركات الأمريكية العالمية التي تسعى للحصول على مكافآت مالية عالية للمدراء التنفيذيين والمساهمين على حساب القوة العاملة الأمريكية. ومن صوّت لصالح ترامب كان بسبب غسل دماغهم بواسطة عدد قليل من إعلانات الإنترنت الروسية الموجهة لتحقيق جذب المعلنين.
لم يصوت أي شخص لصالح ترامب لأنهم دفعوا مدخراتهم لتعليم أبنائهم، وأخذوا قروض طلابية، وربما رهناً ثانوياً، ولا يمكنهم العثور إلا على وظيفة نادل أو نادلة لأنه يتم تسليم الوظائف للأجانب ذوي الأجور المنخفضة حتى يتمكن المساهمون من الحصول على مكاسب رأسمالية كبيرة. فاليوم لدى الأمريكيين ديون بدون فرص.
إذا افترضنا أن لديك بعض القدرة على التفكير بشكل مستقل عن الأكاذيب اليومية، هل بإمكانك أن تصدق أن الأمريكيين صوتوا لصالح ترامب لأن بوتين خدعهم بإعلانات الإنترنت التي من غير المرجح أن تكون قد شوهدت من قبل ما يصل إلى واحد بالمائة من الناخبين؟
هل يمكن أن تصدق أن فقدان وظائف ناخبين ترامب، وفقدان مستقبلهم، ومستقبل أطفالهم، ومنزلهم، بالإضافة لمستوياتهم المعيشية المتدهورة، والإهانات التي تعرض لها الأمريكيون على يد حزب هيلاري الديمقراطي، وكراهية النساء، والعنصرية، لم تؤثر على سبب تصويت الأمريكيين لصالح ترامب؟ كيف يمكن لأي أمريكي واعٍ أن يعتقد أن بوتين هو مصدر مشاكلهم؟
وأشار تقرير "نيويورك تايمز"، دون أي دليل، على جهود روسيا المزعومة لخلق الفوضى في أمريكا. لم أستطع التوقف عن الضحك. لا يوجد أي مؤسسة وطنية روسية للديمقراطية تعمل في الولايات المتحدة. لا يوجد جورج سوروس الممول من روسيا الذي يعمل في أمريكا. لا توجد منظمات غير حكومية ممولة من روسيا تعمل في أمريكا. ومع ذلك فإن روسيا مليئة بالمنظمات التي تمولها واشنطن وتقوم بكل ما في وسعها لزرع الفوضى في روسيا.
لماذا لا يكون هذا أكثر وضوحاً من جميع الأمور التي ذكرت في نيويورك تايمز؟
الجواب هو أنه لا توجد حقيقة على الإطلاق، تتلاءم مع التفسيرات الملفقة التي تعيش فيها الشعوب الغربية المتعجرفة. في كل مكان في العالم الغربي يتم إبعاد الناس عن الواقع من خلال تفسيرات محكومة تم نشرها لهم من قبل النيويورك تايمز، واشنطن بوست، سي إن إن، إم إس إن بي سي، إن بي آر، بي بي سي، وغيرها من وسائل الإعلام.
قبل بضع سنوات قال فيلسوف شهير أن العالم يعيش في واقع افتراضي. في ذلك الوقت ظننت أنه مجنون، لكنني علمت بعدها أنه على صواب. فيعيش العالم بأسره، حتى الروس والصينيون والإيرانيون، في عالم شكلته الدعاية الأمريكية. الحقيقة هي أن بلداً، هو الولايات المتحدة الأمريكية، مصمم في الواقع على السيطرة على العالم وتقرير مصيره. كل دولة، سواء روسيا، الصين، سوريا، إيران، الهند، تركيا، كوريا الشمالية، فنزويلا، والتي تقاوم هيمنة واشنطن تعلن واشنطن بأنها "تهديد للنظام الدولي".
"النظام الدولي" هو أمر واشنطن. "النظام الدولي" هو هيمنة واشنطن على القرار. روسيا، الصين، إيران، سوريا، كوريا الشمالية، فنزويلا، والآن تركيا والهند تهدد "النظام الدولي" لأنها لا تقبل بهيمنة واشنطن.
ليس هناك ما يشير إلى قيام روسيا بأي شيء حول التدخل في شؤون الولايات المتحدة، ولا يوجد تفسير لكيفية قيام بوتين بحملة فوضى واسعة لتقويض الثقة في الديمقراطية الأمريكية. إذا كان مدير الاستخبارات القومية مهتماً بأسباب الانقسام في أمريكا، فعليه أن يلفت انتباهه إلى العواقب المسببة للانقسام الناتجة عن سياسة الهوية للحزب الديمقراطي، وإلى العواقب المسببة للانقسام الناتجة عن الهجوم الملفق على الرئيس ترامب. وبالفعل، فقد تسبب التهور المستمر في أكاذيب صحيفة نيويورك تايمز وحدها في إثارة الانقسام أكثر من أي شيء يزعم أن روسيا قامت به.
الانقسام هو ما يحدث عندما يتحول المجمع العسكري / الأمني وقواه الإعلامية إلى تهديد لميزانيتهم من خلال اقتراح السلام مع العدو الذي قاموا ببنائه من أجل تبرير سلطتهم وربحهم. هذا هو الانقسام الذي تعاني منه الولايات المتحدة.