"نيويورك تايمز" الأمريكية... بطلة الكذب في العالم وأداة الدعاية للحرب مع إيران

29.08.2019

تجعل الكلمات الافتتاحيات الأخيرة لصحيفة نيويورك تايمز، الأمر يبدو كما لو أن الحرب التي تلوح في الأفق بين الولايات المتحدة وإيران هي خطأ كلتا الدولتين، أو بعض القوى غير المعروفة، والتي لا مفر منها، وليست نتيجة لإجراءات الولايات المتحدة. هذا التأطير يجعل من الصعب على الجمهور أن يحكم على من يقع اللوم.

أعيد نشر هذا من قبل غريغوري شوباك، من مؤسسة الأخبار العادلة والصحيحة.

نشرت صحيفة نيويورك تايمز خمس مقالات افتتاحية منذ بداية شهر أيار تنتقد ظاهرياً حرباً عسكرية محتملة بين الولايات المتحدة وإيران. ولكن كمناهضين للحرب، فإنهم يشوهون سمعة إيران دون إخضاع الولايات المتحدة لحكم مماثل، ويخفون العدوان الأمريكي على إيران.

كانت المقالات الافتتاحية تمثل الأصوات المناهضة لإيران والمؤيدة للحرب لمحاولة تبرير الهجوم على البلاد.

"ليس هناك شك في أن الحرس الثوري ممثل شرير. تأسس في عام 1979، وكان حامي الثورة. بمرور الوقت، أصبح هذا الفيلق أداة للعنف والمغامرة العسكرية حيث وسعت إيران نفوذها الإقليمي في العراق ولبنان واليمن وسوريا."

إن الافتتاحية ذاتها تعني أن لدى إيران برنامج أسلحة نووية يجب أن يهتم الأمريكيون به، فقد كُتب:

"ناقشت الإدارة الأمريكية بجدية فرض عقوبات على الكيانات الأوروبية والصينية والروسية العاملة مع إيران لتحويل المنشآت القادرة على متابعة الأنشطة المتعلقة بالأسلحة النووية إلى مشاريع أكثر سلمية وتوجيهها نحو قطاع الطاقة. وأعلنت وزارة الخارجية أنه سيتم السماح بالعمل في ثلاثة منشآت رئيسية لمدة 90 يوماً، وستعيد الإدارة النظر في القرار في نهاية تلك الفترة. وسيتم حظر بعض الأنشطة الأخرى ذات الصلة بالأسلحة النووية".

تصف سلسلة المقالات الافتتاحية هذه إيران بأنها "تعمل على أنظمة صواريخ" (من المفترض أنها لأغراض شريرة)، و "نظام شرق أوسطي مستبد" يوفر دعم المنظمات الإرهابية الإقليمية. وتذكر أن إيران لديها "مرافق قادرة على متابعة الأنشطة المتعلقة بالأسلحة النووية"، والتي يجب أن يتم تحويلها إلى مشاريع أكثر سلمية موجهة نحو الطاقة، وأكدت المقالات بقوة أن إيران لديها برنامج أسلحة نووية أو أنها على وشك الحصول على برنامج، وكذلك تزعم المقالات الافتتاحية أن إيران لديها" طموحات نووية ". لا يوجد أي أساس لهذا التلميح، فلا يوجد لدى إيران برنامج أسلحة نووية، ولم تكن على وشك امتلاك برنامج منذ عام 2003 على الأقل.

لا يتم إدانة أي مؤسسة أو ممارسة أمريكية بطريقة شاملة. إن القيام بغزو العراق، كما فعل الجيش الأمريكي، والتسبب في مقتل ما لا يقل عن مليون شخص لم يعتبر سلوكاً "خبيثاً" أو "أداة للعنف والمغامرة العسكرية"؛ ولم يكن وضع الأطفال في أقفاص أو امتلاك أكبر عدد من السجناء في العالم دليلاً على أن نظام الولايات المتحدة "نظام مستبد." ومهما كان تعريف "التايمز" لـ "دعم المنظمات الإرهابية الإقليمية"، فمن الواضح أنه لا يشمل دعم الجماعات العنصرية في ليبيا، أو إغراق الشرق الأوسط بالأسلحة التي ساعدت داعش، أو ارتكاب مذابح في أفغانستان، أو التسبب بالأفعال الوحشية في اليمن وفلسطين.

تدعم المقالات الافتتاحية الواضحة التي تصدرها التايمز قضية الحرب ضد إيران: فإذا كانت إيران "مستبدة"، ماذا يمكن القول عن النظام الذي يوفر الدعم للمنظمات الإرهابية الإقليمية إنه بلا شك أداة للعنف. 

كان أحد العناوين في هذه السلسلة من المقالات هو "إيران والولايات المتحدة في مسار تصادمي"، وجاء فيه إن "المتشددين من الجانبين ليس لديهم اهتمام كبير بأي دور دبلوماسي." فأرسلت الولايات المتحدة قبل أسابيع من نشر هذا المقال قاذفات B-52 وطائرات بدون طيار وبطاريات باتريوت المضادة للصواريخ وطائرات استطلاع وأنظمة دفاعية جوية وصاروخية إلى حدود إيران، إلى جانب 1500 جندي، بالإضافة إلى جنود يتراوح عددهم من 60 إلى 80 ألف مقاتل تعترف الولايات المتحدة بوجودهم في المنطقة، ناهيك عن آلاف القوات الأمريكية الإضافية في بحار المنطقة. إذا كان البلدان في "مسار تصادمي"، فذلك لأن الولايات المتحدة تقود قواتها مباشرة إلى إيران. جادلت إحدى المقالات الافتتاحية بأن "إدارة ترامب تلعب لعبة خطيرة في إيران، وتخاطر بسوء تقدير خطير من قبل أي من الجانبين." إن العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة تلحق الضرر الشديد بالإيرانيين، وتسبب في نقص الغذاء، وتقوض نظام الرعاية الصحية، وتمنع الإغاثة من الفيضانات من الوصول إلى الإيرانيين، مما يؤدي إلى انهيار النمو الاقتصادي ودفع البلاد إلى الركود العميق مع المساعدة في رفع التضخم؛ كل هذه المعلومات كانت متاحة للجمهور قبل نشر أي من هذه الافتتاحيات. ولم تفعل إيران بالطبع شيئاَ مشابهاً للمجتمع الأمريكي.

يُعتبر وجود القوات الأمريكية قريبة من بعضها البعض في الجوار المباشر لإيران، حيث توجد المعدات العسكرية الإيرانية وأفرادها بشكل طبيعي، وحيث كانت الأسلحة الأمريكية ومعدات التجسس والجنود والبحارة والطيارون أمراً استفزازياً. هذا هو السبب في أن "الصراع يزداد يوما بعد يوم"، ولا تمتلك إيران أي أسلحة أو قوات برية أو بحرية أو جوية قبالة الساحل الأمريكي.

في إحدى افتتاحيات التايمز كتب المؤلفون أن مخاطر الصراع تتزايد الآن بشكل حاد. حتى لو لم تكن الحكومتان على استعداد للدبلوماسية، فعلى الأقل يمكن أن يساعد هذا الاتصال في ضمان ألا تشعل الحرب العديد من الصراعات العسكرية الموجودة حول أحد أكثر ممرات الشحن الحيوية في العالم.

هذه الافتتاحيات تجعل الأمر يبدو كما لو أن الولايات المتحدة وإيران قد وصلتا إلى حافة الحرب بموجب قوانين فيزيائية ثابتة، بدلاً من قرارات واعية اتخذتها الطبقة الحاكمة في الولايات المتحدة. إن تأطير القضية بهذه الطريقة يخفي مسؤولية الحكومة الأمريكية عن زيادة احتمال الحرب. الحرب لا تشتعل من تلقاء نفسها، بل نشأت هذه الأخطار لأن العديد من الأصول العسكرية موضوعة حول أحد أكثر ممرات الشحن حيوية في العالم  ومنها القريب من إيران.