أمام تقدم محور المقاومة ...فلسطين إلى الواجهة رغم أنوفهم
قضية أميركا مع إيران تُختصر بفلسطين ومثلها نقل السفارة الأميركية إلى القدس. فالحرب الأميركية الهادفة لتحقيق الأرباح سقطت منذ زمن في سورية، وتستمرّ حرب منع الخسائر، والخسارة التي تخشاها أميركا هي تعاظم محور المقاومة بنصر سورية والخطر الذي يمثله على أمن «إسرائيل»، وكل التحريض على التفاهم النووي تمهيداً لطرحه في التداول يبدأ وينتهي باتهام إيران بتوظيف عائداتها المعنوية والمادية من التفاهم لتقديم مزيد من الدعم لقوى المقاومة، والقضية هي فلسطين، والانتقال لخطوة من نوع الاعتراف بالقدس عاصمة لـ»إسرائيل» يرتبط مباشرة بالدعم المعنوي للإسرائيليين القلقين والمذعورين من المتغيرات من حولهم، ولتظهير الخيانات العربية لفلسطين علناً بلا مراعاة، للقول للإسرائيليين، رغم الخسائر لستم وحدكم. فها هم حلفاؤكم الجدد حكام الخليج يجاهرون بحلفكم فلا تخافوا.
يختبر الإسرائيليون خوفهم مع رسائل التطمين الأميركية، مع كل جديد، فيرون التهديدات الأميركية لسورية ويفرحون وإذ تأتيهم التفاصيل عن العدوان الذي قادته واشنطن فيضطرون لتبديد تفاؤلهم، والقول إن النتائج كانت صفراً، ثم يأتيهم الانسحاب الأميركي من التفاهم النووي مع إيران فيصفّقون، ويخرجون للاحتفال بتدشين المرحلة الجديدة بطائراتهم في استهداف سورية، فتكون النتيجة وبالاً ومعادلات ردع جديدة، ثم يأتي احتفال انتقال السفارة الأميركية إلى القدس ويخرج المستوطنون إلى باحات المسجد الأقصى، ويفرح الإسرائيليون بالمشاركة العربية، والبيانات التي أيّدت عدوانهم على سورية، فيكتشفون أن ما لدى حلفائهم الجدد ليس أكثر من البيانات.
أما وقد انتهت مواسم الاحتفالات، والانتظارات بعدما سدّدت واشنطن فواتير وعودها، فالسؤال ماذا عن الغد؟ وكل شيء يقول إن فلسطين التي أرادوا شطبها من التاريخ والجغرافيا تعود بدماء أبنائها للحضور، وبقوة، ومن اليوم سيكون الدور للفلسطينيين ليصيغوا هم الخبر، وعلى الإسرائيليين أن يسألوا حلفاءهم الجدد عما يمكنهم تقديمه لتصير صفقة القرن حقيقة، وعن الشريك الفلسطيني القادر على توقيع التنازل عن القدس، ويسألونهم هل سيشاركونهم تقديم الدماء في المواجهات المقبلة، وكم سيستطيعون التغاضي عن الأيام الفلسطينية المقبلة، من دون الاضطرار للانكفاء؟
فلسطين تتقدّم وتضع جدول أعمال المنطقة، وليس «إسرائيل»، رغم القرارات الأميركية التي شكلت أقصى ما يمكن تقديمه ودفعة واحدة، ومع نهاية الهدايا الأميركية بقي على «إسرائيل» أن تظهر قدرتها على واحد من ثلاثة، حرب حاسمة تغيّر المعادلات، شريك فلسطيني وازن لتسوية تعلن نهاية المواجهات، قدرة على تحمّل حرب استنزاف طويلة على الجبهات كلها، أما الفلسطينيون فقد قرّروا بمعزل عن ارتباك الكثير من قياداتهم، أنهم ماضون إلى المواجهة مهما كان الثمن، وأنهم يدخلون هذه الجولة بعزم الجولة الأولى بلا تعب ولا كلل ولا حسابات، والشهداء زادٌ لا ينضب والزمن حليف الثابتين على حقهم، يصنعون من الضعف قوة.
فلسطين إلى الواجهة رغم أنوفهم، فلا قرارات ترامب ولا أموال حكام الخليج ولا التوحّش والبطش الإسرائيلي.. عناصر صالحة لكتابة تاريخ يفتتحه دم طفل شهيد، وسيبقى الخامس عشر من أيار ذكرى اغتصاب فلسطين ولن يكون يوماً عيداً لولادة «إسرائيل».