مغامرة اردوغان في العراق... قد تكون الورقة التي تسقطه
أبدأ مقالي في نقل تساؤل طالما أقلق الكثير من أبناء العراق بعد الانتهاك التركي للأراضي العراقية وهو: هل ينجح العراق في الخروج من أزمته ؟ سؤال مهم... لكن الإجابة عليه يفتح إحتمالين أساسيين أولهما، الإنفراج والخروج بنجاح للعراق من الأزمة الراهنة، وثانيهما، اندلاع قتال مفتوح بين الجيش العراقي وتركيا بكافة أدواتها.
بما أن العراق دولة مهمة لأمن الحدود الجنوبية لتركيا ويمتلك رابع احتياطي للنفط عالمياً، فضلًا عن موقعه الجيوسياسي المهم في منطقة الخليج ، تواصل أنقرة عملها في إقامة قواعد جديدة في العراق تحت مزاعم ملاحقة حزب العمال الكردستاني الذي تصفه تركيا بالإرهابي.
اليوم لا يدخر اردوغان جهداً من أجل تحقيق أحلامه التوسعية، مستغلاً الوضع الحالي وانشغال العالم بأزمة فيروس كورونا، وما العملية العسكرية شمال العراق " مخلب النمر" إلا واحدة من مغامراته اليائسة في المنطقة بزعم استهداف عناصر حزب العمال الكردستاني في العراق الذي لا يختلف كثيراً عن تدخله في شؤون ليبيا لدعم حكومة الوفاق وميليشياتها، المناهضة للجيش الوطني الليبي، وأخرى في سورية بدعوى مقاومة الأكراد وحماية الأمن القومي هناك.
في هذا السياق يحاول أردوغان استغلال حالة الانقسام في العراق وإيجاد موطئ قدم ثابت، من أجل ضم مدينة الموصل أو أجزاء منها، والتحكم بموارد المياه هناك، لذلك تسعى أنقرة إلى إعادة إحياء تنظيم " داعش" الإرهابي بواسطة أدواتها، التي تحرك هذا التنظيم وغيره من التنظيمات المتطرفة كيفما تشاء والذي سيحقق لها ما تسعى له من نفوذ ومبرر بالتدخل في ذلك البلد العربي المليء بالثروات الطبيعية وعلى الأخص النفط.
في ذات السياق تسعى أنقرة من خلال بوابة بلاد العراق إلى الحصول على دور إقليمي ودولي في الشرق الأوسط، فضلاً عن رغبتها في تحجيم النفوذ الإيراني في العراق وسورية، من خلال التدخل المستمر في شؤونهما الداخلية.
بذلك حرقت أنقرة سفنها مع بغداد تماماً، ولقد سبق وأن أكدّت أكثر من مرة، بأن الدبلوماسية التركية أطلقت النار على أقدامها، لذا لا بد لتركيا بدلاً من اللعب بكرة النار التي قد تحرق أصابعها قبل غيرها، أن تبتعد عن لغة التهديد والوعيد وشن الهجمات، وأن تجنح إلى لغة العقل والمنطق والسلام التي تدعوا إليها الحكومة العراقية باستمرار.
ولا يخفى على احد الفشل الذي حل بحزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا الذي وصل لنهاية دوره وجعلته في مهب الريح، بعد الهزائم المتلاحقة نتيجة الفشل السياسي الداخلي، والأزمة الاقتصادية، والسياسات المتهورة خارجياً، كما أن التدخل التركي في العراق محفوف ومليء بالمخاطر الإقليمية لأن إيران لن توافق تركيا على التدخل المباشر في العراق ويجب أن تضع في حساباتها أنها تخوض حرباً مع جبهة المقاومة كما هي إسرائيل الآن.
اليوم العراق يتعافى، ما في ذلك شكّ، فهناك إنجازات إستراتيجية وعسكرية ملفتة، حيث نجح الجيش العراقي في بسط سيطرته شبه الكاملة على مختلف المناطق والمدن العراقية وتحريرها من قبضة مجاميع "داعش" الإجرامية، في وقت سادت فيه حالة من الإرتباك والقلق لدى الأطراف الداعمة لتلك المليشيات وفي مقدمتها تركيا والعديد من الدول الغربية.
وأختم بالتساؤل التالي: هل ستجر أنقرة ذيول الخيبة والهزيمة في العراق؟ وهو الثمن الذي ستدفعه نتيجة أخطاءها في العراق ، وإنطلاقاً من كل ذلك، يجب على تركيا إعادة النظرة في الرهانات السياسية والعسكرية الخاطئة قبل فوات الأوان خاصة بعدما بدأ الجيش العراق يزداد تقدماً إلى الأمام ببسالة ببسالة وقوة منقطعة النظير في سبيل أن تبقى راية العراق عالية خفاقة.