ما هو دور جماعات ضغط شركات الأسلحة الأمريكية في اغتيال سليماني؟

09.01.2020

تناولت بعض وسائل الإعلام الدور الخفي لشركات تصنيع الأسلحة وعلاقتها بترامب، في ممارسات أمريكا المثيرة للتوتر في المنطقة لا سيما في الاغتيال الإجرامي للجنرال سليماني دون أي سبب يقنع الرأي العام داخل الولايات المتحدة الأمريكية على الأقل بهذا العمل الخطير.

وفي هذا الصدد كتبت مجلة ” De Interessebat” خلال الايام الماضية وتعليقاً على اشادة بعض الشخصيات المرتبطة بشركات الاسلحة باجراء ترامب في اغتيال الجنرال سليماني، “المعلقون الذين يظهرون على شبكات التليفزيون الوطنية لمدح تصرفات ترامب لهم علاقة غير معروفة بقطاع الدفاع ؛ القطاع الداخلي الوحيد الذي سيستفيد من زيادة العنف” حيث بلغت أسهم الدفاع والجو فضاء الامريكي ذروتها في اعلى نسبة لها منذ ستة أشهر مباشرة بعد اغتيال الجنرال سليماني، مما يدل على تأثير ونفوذ هذه الشركات في البيت الأبيض وسياسات ترامب

أسهم الشركات العسكرية الخاصة

تراجعت أسهم الشركات غير التسليحية الأمريكية والعالمية بشكل حاد بعد اغتيال الحاج قاسم سليماني. حيث انخفض مؤشر داو جونز إلى 233.92 نقطة أو 0.8 في المئة ، وهذا الانخفاض خلال يوم واحد كان انخفاضا غير مسبوق منذ بداية ديسمبر حتى الآن. كما انخفض مؤشر إس آند بي 500 بنسبة 0.7 في المائة إلى 3234.85 بعد الاغتيال. كما ان وكالة أنباء يونهاب الكورية الجنوبية تناولت في احد تقاريرها انخفاض أسهم شرق آسيا.

ولكن في ردة فعل مختلفة تمامًا، قفزت أسهم شركة Northrup Grumman بنسبة 5.45 بالمائة ، فيما قفزت شركة Lockheed Martin ، وهي الشركة المصنعة لـ F5 ، إلى أعلى مستوى في ستة أشهر ، بارتفاع نسبته 3.65 بالمائة. وقفزت أسهم الشركة المصنعة لصاروخ رايثيون بنسبة 1.5 في المئة.

هذا النمو المنسجم في أسهم الشركات العسكرية ليس مصادفة ويعكس تأثير مديريها والمساهمين فيها على السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية ومخططهم المعد مسبقًا لاغتيال الجنرال سليماني. ولكن كيف تمكنوا من اقناع ترامب بمثل هذه المخاطرة الكبيرة؟ كانت هذه المؤامرة صفقة بين هذه الشركات وترامب ؛ حيث نمت اسهم هذه الشركات وستبيع في المستقبل المزيد من الأسلحة إلى وزارة الدفاع الأمريكية. على سبيل المثال ، يتم إنفاق أكثر من سبعة بالمائة من ميزانية البنتاغون سنويًا للشراء من شركة لوكهيد مارتن، التي كان لها أكبر قفزة في الأسهم بين جميع الشركات الأخرى بعد اغتيال الجنرال سليماني.

ولكن وراء صفقة ترامب تكمن جماعات ضغط هذه الشركات، فبالإضافة إلى المساعدات المالية لحملات ترامب الانتخابية تشارك في البرامج التلفزيونية وتشيد باجراء ترامب. لكن المقامرة الكبيرة التي وعدت بها هذه الشركات ترامب هي المزيد من الشعبية وابطال مفعول المساءلة لأن شعبية جورج بوش تزايد في بداية غزو العراق 2003.

وفي هذا السياق، قال “مارك ويسبرات” الاقتصادي الأمريكي ونائب مدير مركز “أبحاث الاقتصاد والسياسة”، ” في حوار مع “ذي إندبندنت”، “من وجهة نظر ترامب، هذه هي أفضل فرصة له لإعادة انتخابه رئيساً. لا أعتقد أن لديه الكثير من القلق بشأن المساءلة، يمكنك ضمان ذلك”. من جهة أخرى ، كانت هذه الشركات متأكدة تمامًا من أن أسهمها ستنمو مع اغتيال قائد فيلق القدس ونائب رئيس الحشد الشعبي العراقي ، لأن مثل هذه التجربة حدثت أيضاً لأسهم شركة لوكهيد مارتن ورايثيون بعد انسحاب ترامب من الاتفاق النووي.

“ديفيد أوربان” هو مؤيد سابق لحملة ترامب وشخصية ضاغطة في الشركات الدفاعية والعسكرية. حيث كشفت سي إن إن في برنامج تلفزيوني لها أن “أوربان” يضغط من أجل شركة لوكهيد مارتن الدفاعية والعسكرية الكبيرة. و ساعدت الحملة الانتخابية لترامب على الفوز عام 2016 في ولاية بنسلفانيا. فهو يشغل حاليًا منصب رئيس مجموعة الضغط American Continental Group ، والتي تعرف منذ عام 2015 حتى اليوم كواحدة من جماعات الضغط الرئيسية في الكونغرس.

كما يعتبر “أوربان” ضمن مستشاري ترامب في الحملة الانتخابية لعام 2020. ففي مقابلة مع سي إن إن في يوليو الماضي، قال: “يجب على الولايات المتحدة التفكير في ضربات محدودة للغاية عبر صواريخ توماهوك، هجوم لا يمتد نطاقه.” وفي هذا الصدد ذكرت وكالة “أوبن سكرتس” أن “وزير الدفاع الأمريكي مارك اسبر هو أيضا الرئيس التنفيذي السابق لشركة رايثيون التي كانت شركة دفاعية مقاولة وهو بحد ذاته شخص ضاغط.” ويضيف التقرير، “إنه صديق مقرب من أوربان. وكلاهما الى جانب مايك بومبيو تخرجوا في الأكاديمية العسكرية الأمريكية” بعض جماعات الضغط الحالية بين شركات الأسلحة والبيت الأبيض كانوا أعضاء سابقين في إدارة أوباما والذين تم الان الكشف عن علاقتهم بشركات الأسلحة“.

بعد اغتيال الجنرال سليماني ورفاقه، أشاد الجنرال المتقاعد “جاك كين” بترامب لمدة ثلاثة أيام على قناة “فوكس نيوز” وعلى راديو “إن بي آر” الوطني العام. وقال “كين” لـ “فوكس نيوز”: “لقد تصرف الرئيس بمسؤولية، و هو (قاسم سليماني) كان يجب ان يقتل منذ فترة طويلة”، كما عمل “جاك كين” في شركات مثل General Dynamics و Blackwater ويعمل الآن مع SCB Partners ، وهي شركة تستثمر في مقاولي الأمن.

من بين الشركات التي يعمل معها جاك كين شركة MQ-9 Reaper لصناعات الطائرات، التي استخدمت لاغتيال الحاج قاسم. هناك 85000 شركة عسكرية خاصة في الولايات المتحدة تحقق أرباحًا ضخمة عبر متعاقدين مع وزارة الدفاع الأمريكية. حيث يلعب العسكريون الأمريكيون والمشاركون السابقون في الحروب الخارجية دورًا مساندًا في سياسات ومنذ الحرب العالمية الثانية حصلوا على نفوذ كبير في البنتاغون. كما ان العديد من المؤسسات الفكرية مثل “هریتیج” و”راند” التي تلعب دوراً فعالاً في رسم السياسة الخارجية لترامب، تخضع لتأثير هؤلاء العسكريين.