الولايات المتحدة تنتهك سيادة فنزويلا بمساعدة جيرانها
اجتمع زعماء كولومبيا والأرجنتين والبرازيل وبنما مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في نيويورك يوم الاثنين. وناقشوا مسألة هامة جداً وهي: كيف يجب التعامل مع فنزويلا. والمشكلة هي أن نظام الرئيس نيكولاس مادورو الشعبي اليساري والذي له علاقات ممتازة مع روسيا والصين، لا ينسجم مع مخطط خدمة العلاقات بين معظم بلدان أمريكا اللاتينية وواشنطن.
ترامب يؤسس تحالفاً ضد فنزويلا
نقلت وكالة تاس عن الرئيس الكولومبي خوان مانويل سانتوس قوله: "إننا قلقون إزاء ما يحدث في فنزويلا ونريد حماية الشعب الفنزويلي واستعادة الديمقراطية. وناقشنا ضرورة التنسيق وشكله بين الدول لتحقيق الانتقال الديمقراطي السلمي مع الحفاظ على الاستقرار".
ومع الأخذ بعين الاعتبار حقيقة أن البلاد تعتبر أكبر منتج للكوكايين في العالم، وإن إنتاجها وصادراتها ارتفعت بشكل حاد بعد السلام بين الحكومة الكولومبية والمتمردين اليساريين، فلم تتخذ أي إجراءات ملموسة مع ترامب. واتخذوا قراراً بالعمل كفريق ومشاركة الآراء في سبيل هدفهم.
كما أن كولومبيا أكثر اهتماماً من الدول الأخرى بحل وضع جارتها فنزويلا بنجاح. وأكد سانتوس:" إن من الأهمية بمكان أن يحدث ذلك سلمياً وديمقراطياً. وقال أيضاً: أنه قد أبلغ الرئيس ترامب مرة أخرى أن أي تدخل عسكري لن يحظى بتأييد أمريكا اللاتينية". كما أن الرئيس الكولومبي لم يخفي أن فنزويلا لديها جيش قوي، وأن شعبي البلدين لديهم مشاعر ودية تجاه بعضهم البعض.
ولذلك فإن استخدام القوة والجيش من قبل أمريكا لتجاوز النظام سيثير رد فعل سلبي وخاصةً لدى الشعب الكولومبي. وأما أمريكا فقد أعلنت أنها قد استخدمت أساليب الانقلاب وسلاح البحرية في أمريكا اللاتينية مئات المرات، لذلك سيبدو شيئاً طبيعياً جداً بالنسبة لبلدان المنطقة.
لقد حضر المفاوضات أيضاً رؤساء كل من الأرجنتين (موريسيو ماكري)، والبرازيل (ميشيل تيمر)، وبنما (خوان كارلوس فاريلا). ويبدو أن هذا سيكون جوهر التحالف المناهض لفنزويلا الذي تعده واشنطن. بنما تقريباً دولة مضمونة بالنسبة للولايات المتحدة، والبرازيل والأرجنتين هي أهم البلدان اقتصادياً في أمريكا الجنوبية. وهذه الدول الآن يحكمها ممثلو النخبة الموالية للولايات المتحدة. ومن المحتمل أن يكون لها دور رئيسي في العمل مع الولايات المتحدة لمحاولة استجرار فنزويلا إلى التخلف عن سداد ديونها التي تدفعها بصعوبة. وعلى مدى عدة سنوات، على الرغم من نقص الأغذية والسلع الأساسية والأدوية، فإنها تحاول دفع جميع ديونها إلى الدائنين. وإلا فستُقطع الموارد عن فنزويلا، ويتوقف تصديرها للنفط وستكون هذه النهاية.
مستوى جديد من الضغط
في شهر آب، قرر أعضاء السوق المشتركة لأمريكا الجنوبية (ميركوسور) وقف عضوية فنزويلا بسبب النزاع بين السلطات والمعارضة. حيث تضم وحدات ميركوسور 250 مليون شخص وأكثر من 75% من إجمالي الناتج المحلي للبلاد. وحتى قبل ذلك أيضاً اضطرت فنزويلا إلى مغادرة منظمة الدول الأمريكية بسبب التدخل في شؤونها الداخلية. ومن الواضح أن فنزويلا تواجه وضعاً صعباً جداً. وبالإضافة لذلك وبسبب تخريب البرلمان، أجرى النظام الحاكم انتخابات لفنزويلا في 30 تموز، إلا أن المكسيك وبيرو وكوستاريكا لم تعترف بها.
وإن حليفتا فنزويلا الرئيسيتان روسيا والصين تحاولان مساعدة الرئيس نيكولاس مادورو، ولكن لا تشجعه على انتهاك الدستور حتى ولو من أجل أغراض طيبة.
إن كوبا جارة قريبة ولكن ليس لديها أموال إضافية. وأما الولايات المتحدة وأعداء أمريكا اللاتينية فتحيط بفنزويلا بكثافة.
خطة واشنطن واضحة وطبيعية
يبدو ان خصوم فنزويلا لا يحتاجون الوسائل المسلحة للإطاحة بالنظام الفنزويلي. ومن الضروري فقط زيادة الضغط المنهجي عليها وخلق صعوبات جديدة باستمرار للشعب الفنزويلي، وذلك وفقاً للمخطط الذي استُخدم في تشيلي للإطاحة بالرئيس الشعبي سلفادور أليندي في عام 1973.
وما يحدث الآن أن وزارة المالية الأمريكية توسع باستمرار العقوبات ضد المسؤولين الفنزويليين. كما تحاول واشنطن تقويض النظام المالي والاقتصادي للبلاد.
وفي شهر آب وقع ترامب مرسوماً يفرض عقوبات مالية على فنزويلا، ويحظر على الشركات الامريكية التعامل مع الديون والأوراق المالية الجديدة التي تصدرها الحكومة وشركة النفط الحكومية الفنزويلية. وبما أن عائدات النفط تبلغ نحو 95% من الإيرادات المالية من إجمالي صادرات فنزويلا فسيكون ذلك صعب جداً. كما أنه من الصعب تخيل ماذا سيحدث عندما تتوقف الولايات المتحدة والتي هي العميل التقليدي لفنزويلا في مجال النفط عن شراء النفط منها.
الخلاصة
إن مشاكل فنزويلا لا تختلف كثيراً عن مشاكل بلدان أمريكا اللاتينية الأخرى التي تشوه اقتصادها بسبب اعتمادها القديم على الولايات المتحدة. بدأ الناس بالحصول على فوائد الموارد الطبيعية للبلاد في ظل نظام هوغو شافيز. ومع ذلك فإن الانخفاض الكبير في أسعار النفط والمآسي الاقتصادية والمالية في واشنطن وضع نظام شافيز تحت الهجوم، وأصبحت الموارد أقل بكثير. ونتيجة لذلك، نشأت أزمة سياسية في البلاد، وبدأ الاشتباك بين المؤيدين والمعارضين وارتفع مستوى الجريمة.
وفي النهاية من الواضح أن واشنطن وحلفاءها لن يغادروا فنزويلا. ويبدو أنه بعد أن قامت الولايات المتحدة بإزالة الرئيس ديلما روسيف من البرازيل بنجاح من خلال المؤامرات، فقد حان الوقت لرئيس آخر وبلد آخر. وعلى الرغم من العلاقات الوثيقة بين روسيا وفنزويلا في مجالات الطاقة والمجال العسكري، سيكون صعباً للغاية بالنسبة لروسيا أن تقوم بمساعدتها.