السيناريوهات المحتملة بين روسيا وأمريكا بعد التصعيد الأخير

08.04.2017

الخبراء الروس مقتنعون بأن الاعتداء الصاروخي الأمريكي المفاجئ على القاعدة الجوية السورية سيكون لها تأثير خطير على العلاقات الأمريكية الروسية. وهم يقدمون العديد من السيناريوهات المستقبلية، وأشدها خطورة هو الصدام المباشر بين القوات الروسية والأمريكية.

يرى الخبراء الروس ثلاثة سيناريوهات محتملة لمستقبل العلاقة بين الولايات المتحدة وروسيا بعد الهجوم الصاروخي الأمريكي على الجيش السوري.

السيناريو الأول: الصراع المسلح بين روسيا والولايات المتحدة

لا يستثني الخبراء الروس احتمال أن تكون ردة فعل موسكو على هجوم واشنطن ضد حليفتها السورية عرضا لقوتها العسكرية. وقال اليكسي فينينكو الخبير بمعهد "راس" RAS للقضايا الأمنية الدولية إنه في حالة وقوع ضربة أمريكية أخرى، فقد تقرر روسيا إسقاط بعض صواريخ كروز الامريكية. وفي الوقت الحالي، ستزيد موسكو من جهودها العسكرية في سوريا.

وكانت الولايات المتحدة تخطط لتظهر القوة ضد القوات السورية منذ عام 2013، وهذا هو السبب في أن الهجوم الذي حدث صباح الجمعة الباكر يمكن اعتباره بداية مغامرة عسكرية أمريكية جديدة في الخارج، بيد أن "منطق المواجهة سيجبر روسيا عاجلا ام آجلا على الرد بالقوة".

وعلاوة على ذلك، فإن الصدام المحتمل بين القوتين العظميين ليس بالضرورة أن يصل إلى حد المحرقة النووية العالمية. ويمكن أن يشبه ذلك أحداث الحرب الأهلية الإسبانية بين الأعوام 1936-1939 عندما حارب الطيران السوفييتي جيوش إيطاليا الفاشية وألمانيا النازية دون إعلان رسمي للحرب.

وفي الوقت نفسه، لا يمكننا أن نستبعد استخدام الأسلحة النووية في هذه الحرب بالوكالة بشكل كامل. وقال فينينكو إن جيشي البلدين يحفظان لنفسهما الحق في استخدام الاسلحة النووية التكتيكية.

السيناريو الثاني: السير على حافة الهاوية

يشير الخبراء إلى أن الولايات المتحدة شنت ضربتها دون التشاور مع روسيا، ولم تأخذ بعين الاعتبار كيف يمكن أن تأثر هذه الضربة على الوضع داخل سوريا وعلى العلاقات المستقبلية بين واشنطن وموسكو. وقال ديميتري سوسلوف، خبير العلاقات الدولية في المدرسة العليا للاقتصاد، إن هذا الهجوم يعني أن فريق دونالد ترامب "سيطبق سياسته أحادية الجانب باستخدام القوة العسكرية في تجاهل للقانون الدولي، ويصبح نسخة مخففة عن بوش الابن ".

بعد أن غيرت واشنطن نهجها تجاه الرئيس السوري في لحظة واحدة، فسوف تسعى مرة أخرى للعمل على إزالته. لكن روسيا لا تعتزم تسليم حليفها وستزيد وجودها العسكري في سوريا. وفي المقابل، من غير المرجح أن تتراجع الولايات المتحدة لأن هدف ترامب الرئيسي الآن هو "عدم الظهور ضعيفا، من خلال إظهار القوة".

وفي مثل هذه الظروف، من المحتمل جدا حدوث تصعيد عسكري وسياسي خطير في العلاقات الروسية الأمريكية في سوريا. ولا يستبعد سوسلوف احتمال أن تصبح هذه الحالة مشابهة لأزمة الصواريخ الكوبية من خلال "تكرار التوترات"، عندما كانت القوتان العظمتان على وشك حرب نووية بعد أن نشر الاتحاد السوفيتي صواريخه في كوبا. ولكن في وقت سابق، تم تجنب الحرب عندما سحبت موسكو صواريخها من "جزيرة الحرية" وسحبت واشنطن صواريخها من تركيا.

السيناريو الثالث: الحل الدبلوماسي

لا يعتقد جميع الخبراء ان الرد الروسي سيكون ردا عسكريا. ويقول الكسندر كونوفالوف رئيس المعهد المستقل للتقييمات الاستراتيجية إن موسكو ستقتصر على ما فعلته بالفعل وهو الانسحاب من المذكرة الخاصة بسلامة الطيران مع الجيش الامريكي. ويقول كونوفالوف إن روسيا لن توسع وجودها العسكري في سوريا "مادامت الولايات المتحدة لم تبدأ حربا في سوريا، واكتفت بعملية واحدة".

وعلى أي حال فان روسيا ستوجه نداء الى المؤسسات الدولية وتثير قضية العدوان الأميركي على سوريا في مجلس الامن الدولي وستتحدث مع واشنطن حول التحقيق في استخدام الاسلحة الكيميائية في سوريا. ومع ذلك، يبقى السؤال: كيف سترد الولايات المتحدة على هذه الجهود الروسية؟

ويشير فلاديمير سوتنيكوف من معهد "راس" للدراسات في الشرق الأوسط إلى أن العلاقات بين البلدين تعتمد الآن على زيارة وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون لموسكو. إذ سيكون لديه "مهمة حساسة".

وقال سوتنيكوف "من ناحية، سيتعين على تيلرسون أن يشرح قرار ترامب (لتنفيذ غارة جوية على سوريا)، ومن ناحية أخرى، سيتعين عليه الحفاظ على العلاقات مع موسكو"، مؤكدا أن الولايات المتحدة تحتاج إلى روسيا لحل الأزمة السورية، وسيتعين على واشنطن أن تجد أرضية مشتركة مع موسكو في سوريا.