الصين تطرد الولايات المتحدة من ريادة العولمة
وضح الرئيس الصيني "شي جين بينغ" في المنتدى الاقتصادي الآسيوي في هاينان، مسار العولمة ولكن ليس على الطريقة الأمريكية.
وأكد الرئيس الصيني في حديثه في حفل افتتاح المنتدى الاقتصادي الآسيوي على أن الصين حلت محل الولايات المتحدة كقوة دافعة للعولمة. وتقدم الصين علاوة عن ذلك، نوعاً جديداً من العولمة: على أساس طوعي وبدون الديكتاتورية التي تستخدمها الولايات المتحدة بشكل متزايد للحصول على مزايا تنافسية.
هناك طلب لنوع جديد من العولمة في العالم، لذلك يستمر النموذج الصيني في اكتساب شعبية. خاصةً بعد تنفيذ سياسة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب "أمريكا أولاً" التي تميزت بالحروب التجارية، وإدخال العقوبات الناجمة عن تجاوز منظمة التجارة العالمية، وتغيير الاتفاقيات الاقتصادية عن طريق إجبار الشركاء بصفقات غير مربحة.
وهكذا، كانت المواضيع الرئيسية للمنتدى الذي انتهى في 11 نيسان، هي الإصلاحات والانفتاح والابتكار ومبادرة "الحزام والطريق". وحضره أكثر من ألفي ممثل رفيع المستوى من 63 دولة. ومن بين هؤلاء كان رؤساء الفلبين والنمسا، ورؤساء وزراء منغوليا ونيوزيلندا وباكستان وسنغافورة.
وقال "شي جين بينغ": قبل خمس سنوات طُرحت مبادرة الحزام والطريق، ومنذ ذلك الحين وقعت أكثر من 80 دولة ومنظمة دولية وثائق حول التعاون مع الصين في إطار هذا المشروع". كما قال: "لا تقوم الصين بإجراء أي حسابات جيوسياسية صغيرة، ولا تُنشئ أي اتحادات مغلقة، ولا تضع نفسها فوق غيرها، ولا تفرض أي صفقات على أي أحد". وأشار إلى أنه على الرغم من أنها فكرة الصين فإن فرصها ونتائجها ستفيد العالم بأسره.
ما هو الفرق بين العولمة الأمريكية والصينية؟
تذهب جميع الفوائد في العولمة الأمريكية إلى الولايات المتحدة الأمريكية، أو بالأحرى إلى المستثمرين الأمريكيين، وتذهب جميع التكاليف، وخاصةً في البداية، إلى البلدان التي يستثمرون فيها. وعندما تبدأ هذه الدول بعد مواجهة المصاعب، في التنافس مع الولايات المتحدة والفوز في المنافسة من خلال المزيد من العمل الشاق والعمالة الأرخص، تبدأ الولايات المتحدة باتهامها بالمنافسة غير العادلة. ويفرض الأمريكيون رسوماً وعقوبات على منافسيهم من أجل القضاء على العجز التجاري، وهذا ما نشهده الآن.
وتختلف العولمة الصينية تماماً: فلا شيء مفروض على أي أحد، ومشاركة البلدان طوعية إذا قررت أن هذه المشاركة مربحة بالنسبة لها. طرح الرئيس "شي جين بينغ" في عام 2013، مبادرة "طريق الحرير الاقتصادية" و"طريق الحرير البحري"، لخلق ممر للنقل والتجارة والطاقة بين آسيا وأوروبا، وتعميق التعاون الاقتصادي والتجاري والعلمي والتقني بين آسيا وأوراسيا وأوروبا.
ووعد "شي جين بينغ" بمحاربة سياسة الحماية الاقتصادية وتعزيز المعاملات التجارية المتعددة الأطراف، كما رد على ادعاءات واشنطن:
"الصين سوف تفتح الأسواق بشكل أكثر أهمية، وخاصة في مجال التمويل والتأمين، وإزالة القيود المفروضة على الاستثمار في الإنتاج، ولاسيما في صناعة السيارات، وسنشدد التدابير الخاصة بحماية الملكية الفكرية".
وأوضح الرئيس الصيني كيف ستتعامل بكين مع القيود التجارية التي تنوي الولايات المتحدة فرضها عليها، من خلال تطوير الاستهلاك المحلي.
كما دعا إلى تخفيض الرسوم على السيارات والسلع المستوردة الأخرى في السنة الحالية. كما أعرب عن أمله في أن تقوم الدول المتقدمة بدورها في رفع القيود المفروضة على تصدير منتجات التكنولوجيا المتطورة إلى الصين.
تفهم الصين أن نمط العولمة الذي تقترحه يتطلب نظاماً عالمياً مستقراً. وشدد رئيس الدولة الصينية في هذا الصدد على الحاجة إلى أمن شامل ومتكامل ومنسق، وحماية النظام العالمي ونظام العلاقات الدولية، استناداً إلى مبادئ ميثاق الأمم المتحدة.
تتناقض هذه الكلمات بشدة مع التصريح المتزامن تقريباً للسفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة "نيكي هالي" حول الوضع في سوريا بعد هجوم كيميائي مزعوم آخر فقد قالت: "سوف تتخذ الولايات المتحدة إجراءً إذا لم يعاقب مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة "الجناة" وتطلب الولايات المتحدة من المجتمع الدولي النظر في موضوع سوريا وإيران وروسيا".
لدى الصين موقف آخر، فمن الضروري، بحسب "شي جين بينغ"، تنسيق مواقفهم في الاستجابة للتحديات الأمنية التقليدية وغير التقليدية، لتعزيز التعاون الثنائي والمتعد الأطراف. كما أعرب الزعيم الصيني عن رأيه بأن الآليات المختلفة لضمان الأمن متناغمة على نحو متبادل حتى يكمل بعضها البعض من خلال التعاون بدلاً من التعدي أو المساس ببعضها البعض.
وأضاف الزعيم الصيني أن الصين سوف تحمي العالم، وتسهم في ازدهاره والحفاظ على النظام الدولي.
دعونا نضيف أنه خلافاً لخطابات الحرية والديمقراطية التي تحول الغرب إلى مدمر لتحقيق مصالحه الأنانية وفرض السيطرة على سياسات الدول الأخرى، فإن الصين لا تفرض أي شيء على أي أحد. بل إن النموذج الصيني للتنمية الاقتصادية، الذي اعتمدته طوعياً عدد من البلدان في آسيا وإفريقيا، غالباً ما يوفر نمواً اقتصادياً.
الاستفزاز ورد الفعل
أثارت التصريحات التي أدلى بها "شين جين بينغ" غضب الولايات المتحدة. واتهمت أستراليا عبر صحيفة "سيدني مورننغ هيرالد" الصين بأنها تنوي إنشاء قاعدة عسكرية في "فانواتو" لتحقيق وجود عسكري دائم في منطقة جنوب المحيط الهادئ.
وقالت وزيرة الخارجية الأسترالية "جولي بيشوب" أنها لا تعرف شيئاً عن هذا، ولكنها ذكّرت بأن فانواتو دولة ذات سيادة لها الحق في حل قضاياها بشكل مستقل في مجال الدفاع والسياسة الخارجية.
هذا الحدث الذي تحول في الواقع ضد أمريكا، أظهر أن هناك فرصة جيدة للصين لتحل محل أمريكا، وهذا يمكن أن يؤدي بالولايات المتحدة إلى العزلة في عالم متعدد الأقطاب متحرر من الديكتاتورية الأمريكية.