السعودية تجسّ النبض لعمل عسكري في قطر

31.07.2017

قصّد السعوديون إهانة قطر ومعاملتها كدولة فاقدة للسيادة عندما رفضوا تنظيم بعثة حجّ قطرية إلى السعودية، وقرّروا فتح الباب فردياً للقطريين الراغبين بالحجّ للتقدّم بطلباتهم عبر موقع إلكتروني والحصول على جواز سفر مؤقت على المطار حين وصولهم مقابل تسليم جوازاتهم القطرية لاستردادها في طريق العودة، ويحمل التدبير في ما يحمل نيات استخبارية بفتح المجال لتجنيد المعارضين القطريين بمناسبة موسم الحج، فيصعب تقفي أثرهم كعملاء من قبل حكومتهم، لأنّ الذريعة هي المشاركة في شعائر دينية، والمجنّدين مع السعودية يضيعون بين لوائح الحجاج. هذا إضافة لعدم توفر وسائل سهلة لمعرفة مَن هم الذين استجابوا للدعوة إلا عن طريق دسّ مخبرين بين صفوفهم، طالما السفر يجب أن يتمّ من بلد ثالث والجوازات القطرية لن تحصُل على سمة دخول للسعودية.

ردّ القطريون بالحجز على الموقع وقطع التواصل معه من داخل قطر، واعتبروا الإجراء السعودي استغلالاً سياسياً لإدارة موسم الحج، ولوّحت بالتوجه لمحكمة العدل الدولية بشكوى على السعودية تحت هذا العنوان ليأتي الردّ السعودي سريعاً مصحوباً بتضامن دول المقاطعة المشاركة في الأزمة مع قطر. والردّ يعتبر الموقف القطري المشكك في الإدارة السعودية لموسم الحج دعوة لتدويل الشعائر الدينية، وبالتالي هو بمثابة «إعلان حرب»، وفقاً لتصريح وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، مضيفاً أنّ حكومته ستحتفظ بحق الردّ على هذا الموقف بما يتناسب مع اعتباره إعلان حرب.

 الموقف السعودي ليس رداً على الموقف القطري، ولا بحجمه أصلاً، وقد ورد في الردود السعودية اتهام لقطر بالتبعية لإيران في الدعوة لتدويل موسم الحجّ، علماً أنّ التدويل ليس مطلباً واضحاً في الردّ القطري بقدر ما هو تأويل سعودي للتلويح القطري بالشكوى القانونية أمام محكمة دولية قد تردّ القضية، أو تُصدر حكماً بإلزام السعودية بالتنسيق مع الحكومة القطرية بأحسن حال في تنظيم مشاركة مواطنيها بمعزل عن العلاقات السياسية بين الحكومتين، لكن الربط بإيران يستحضر حقيقة أنّ إيران دعت علناً لتدويل مواسم الحج وإدارتها وصولاً للإدارة الدائمة للأماكن المقدسة، وحدّدت صيغة حاولت تسويقها لدى الدول الإسلامية لهذه الإدارة، ولم يخرج عن الرياض تعليق يعتبر الموقف الإيراني إعلان حرب، ما يعني أنّ الاتهام بإعلان حرب موجّه لقطر وليس لكلّ من يذهب تلميحاً أو تصريحاً، كلياً أو جزئياً لطرح إدارة السعودية لموسم الحج في التداول.

 يشعر السعوديون بالضيق كلما تذكّروا أنّ الأزمة مع قطر تطول أكثر مما توقعوا، وكلما انتبهوا إلى أنّ الوضعين الدولي والإقليمي يحيطان الأزمة بستاتيكو لا يتيح تحريكها إلى الأمام. وهم يستشعرون أنّ الدوحة مرتاحة لوضعها في ظلّ موقف أميركي سقفه تأييد إعلامي للموقف السعودي وتعامل واقعي مع كيفية توظيف الأزمة لمكاسب أميركية من كلّ من قطر والسعودية، وفي المقابل مواقف أوروبية وروسية متمسّكة بعدم السماح بتصعيد الأزمة من جهة، وبسيطرة السعودية على قطر من جهة أخرى، في ظلّ موقفين تركي وإيراني داعمين ضمناً لقطر.

تجسّ السعودية النبض بذريعة دينية لفرصة تصعيد تريده عسكرياً عبر مفردة «إعلان حرب» لفرض دينامية جديدة للأزمة، سواء عبر تصعيد يلوّح بالحرب فيفتح تفاوضاً على نار حامية يحقق سقفاً من المكاسب يبرّر إنهاء الأزمة، من موقع سعودي متفوّق، أو يأخذ الأمور إلى عملية عسكرية يرغبها السعوديون من اليوم الأول، إذا ضمنوا عدم تحوّل العملية إلى مواجهة مع تركيا أو إيران، من جهة، وضمنوا سرعة النجاح العملياتي من جهة أخرى، والأمران مشكوك فيهما، ولهذا جسّ النبض ليس طلقة أولى في الحرب.