الرد الصيني الروسي على نشر الصواريخ الأمريكية THAAD
في كانون الثاني / يناير 2017، ذكرت وكالة أنباء الصين الجديدة / شينخوا / أن الصين وروسيا اتفقتا على بعض الإجراءات العسكرية المشتركة ردا على الانتشار المتوقع لنظام الصواريخ الأمريكية "ثاد" THAAD في شبه الجزيرة الكورية. والآن وبعد أن بدأ هذا الانتشار بالفعل، يطرح السؤال بشأن هذه التدابير.
أولا وقبل كل شيء، ينبغي أن نلاحظ أن نشر ثاد في كوريا الجنوبية له آثار مختلفة على أمن روسيا والصين. وتأثيره ضئيل في حالة روسيا، لأن ثاد مصمم لاعتراض الصواريخ الباليستية متوسطة المدى. روسيا ليس لديها مثل هذه الصواريخ، منذ عام 1987 وقعت الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة معاهدة القوات النووية المتوسطة المدى.
حتى لو افترضنا أن يتم تطوير نظام ثاد بصواريخ أكثر قوة، فإنه لن يشكل أي تهديد على القوات النووية الاستراتيجية الروسية. فالصواريخ الباليستية الروسية العابرة للقارات وغواصات الصواريخ النووية بعيدة جدا عن شبه الجزيرة الكورية، ويمر مسار الصواريخ الروسية المتجهة الى اهداف في الولايات المتحدة عبر القطب الشمالي.
وهكذا، فإن المعارضة الروسية لنشر نظام ثاد لم تكن ناجمة عن خطورة التهديدات لأمنها بل لاعتبارات استراتيجية أساسية، إذ تعارض روسيا وضع عناصر نظام الدفاع الصاروخي الامريكي بالقرب من حدودها من حيث المبدأ. ولو كان نظام ثاد في كوريا الجنوبية يدار من قبل الجيش الكوري، وليس من قبل الولايات المتحدة، فلن يكون هناك على الأرجح أي اعتراض على نشر النظام، أما موقف الصين بشأن هذه المسألة فهو أكثر ليونة.
لماذا تحتاج الولايات المتحدة لنشر نظام ثاد في كوريا الجنوبية
كانت الولايات المتحدة قد وقعت بالفعل عقود لتسليم أنظمة ثاد إلى الإمارات العربية المتحدة وإلى قطر. ولأن ذلك لم يحدث في حالة كوريا الجنوبية فالدوافع الحقيقية لنشره في شبه الجزيرة الكورية لم يتم الاعلان عنها بعد.
ويبدو ان الولايات المتحدة تريد ان يكون لديها قدرة اضافية على المراقبة الرادارية للمجال الجوي فوق شمال شرق الصين حيث تتمركز قواعد الصين التي تحتوي على صواريخ باليستية بما فى ذلك الصواريخ متوسطة المدى. وبالإضافة إلى ذلك، فقد يكون المسار المحتمل للصواريخ الصينية الباليستية العابرة للقارات في اتجاه الولايات المتحدة سمر من هذه المنطقة.
وبناء على ذلك، فمن الممكن أن نفترض أن الصين، وليست روسيا، هي التي تملك الاعتراض الأقوى على نشر ثاد من الناحية العسكرية والتقنية.
وستحد روسيا من اجراءاتها التي تهدف لتسريع العمل لما تم التخطيط له سابقا والمتعلق بتحديث القوات المسلحة في الشرق الاقصى الروسي.
رد الصين
سيكون رد الصين الأكثر احتمالا لنشر هذا النظام هو إنشاء مجموعات مخصصة لتدمير نظام الدفاع الصاروخي في شبه الجزيرة الكورية.
والأداة المحتملة لهذا النوع من الإجراء الأولي هي صواريخ كروز: إذ لا يستطيع نظام "ثاد" اعتراض مثل هذه الصواريخ، ولا سيما في حالة الضربة الضخمة على نقاط محددة.
والخيار الواضح للصين قد يكون نشر صواريخ دف-10 على شبه جزيرة شاندونغ. وبالإضافة الى ذلك يمكن للصين استخدام الوسائل الفنية لتعزيز معلوماتها الاستخباراتية حول مكان نشر أنظمة ثاد.
الصواريخ اختبرت في سوريا
روسيا، على عكس الصين، ليست قادرة على نشر صواريخ كروز متوسطة المدى على الأرض علنا ، على الرغم من أن الولايات المتحدة تتهمها بذلك.
ولكن السفن الحربية الروسية الجديدة، وكقاعدة عامة، مجهزة بصواريخ كروز (كاليبر) يصل مداها لأكثر من 2000 كم. وقد تم اختبار هذه الصواريخ بنجاح خلال الحرب في سوريا. وكان من المقرر إنشاء هذه السفن لأسطول المحيط الهادئ الروسي قبل فترة طويلة من خطط نشر ثاد في كوريا.
في يناير 2016، كشفت روسيا عن خطط لبناء غواصات سيكون مقرها في فلاديفوستوك. وهي قادرة على حمل صواريخ من هذا النوع وكذلك فقد تم اختبارها أيضا خلال حملة سوريا.
ومن المتوقع ان يبني الاسطول الروسي سفنا أخرى قادرة على حمل هذه الصواريخ بما في ذلك صواريخ كورفيت من طراز كاراكورت الذى بدأ بناؤها بالفعل.
ولعل هذا هو الرد الروسي على ثاد، على الرغم من أن هذه التدابير كانت ستنفذ على أي حال.
وبصرف النظر عن ما ذكر أعلاه، سوف تقوم روسيا والصين أيضا بمناورات مشتركة إضافية، وربما ستنسقان في مجال الاستخبارات التقنية لتتبع الموقع الحالي وطريقة عمل مجمع ثاد بشكل أكثر فعالية.