العقوبات الاقتصادية على روسيا والتأثير المتبادل

03.06.2017

الكسندر ستادنيك، المندوب التجاري الروسي في الولايات المتحدة، يشرح كيف أن شركات النفط الروسية قد أنجزت مكانا لها في السوق الأمريكية وما الذي تفعله للاحتفاظ بهذه المكاسب.
كيف تغير هيكل التجارة الروسية-الأمريكية في ظل العقوبات؟
يشير ستادنيك إلى أن العقوبات بالتأكيد أثرت على الشركات الروسية في السوق الأمريكية. وهي تؤثر أساسا على القطاع المالي والمنتجات ذات الاستخدام المزدوج. ومع ذلك، فإن فئات التصدير الرئيسية مثل المعادن الحديدية وغير الحديدية والأسمدة والمنتجات الكيماوية تتأثر ليس بالعقوبات بل بالأجراءات التي تتخذها الولايات المتحدة لحماية سوقها. وروسيا ليست البلد الوحيد المتضرر في هذا الصدد، بل هي أيضا تطال البلدان الأخرى التي تشكل منتجاتها حصة كبيرة من السوق الأمريكية.
فعلى سبيل المثال، تتعرض صناعة الصلب بانتظام لمحاولات مكافحة الإغراق التي بدأتها مجموعة من الشركات الأمريكية التي تعتقد أن مصالحها قد انتهكت. هذه الإجراءات تضيع الكثير من الجهد والوقت والمال، وهي تؤثر على معدلات الإنتاج. وبشكل عام، شهدت الصادرات الروسية إلى الولايات المتحدة نموا ملحوظا في السنوات القليلة الماضية، ومن المتوقع أن يستمر هذا الاتجاه الآن بعد أن استقر سعر صرف الروبل.
فالعقوبات بحد ذاتها لم تؤثر على الصادرات بشكل أساسي، لإن النمو مستمر في جميع المجالات. وقد تأثرت الواردات بالعقوبات المضادة التي فرضتها روسيا (الحظر المفروض على الواردات الزراعية والغذائية)، وكذلك بسبب انخفاض الطلب على السلع الاستهلاكية بسبب ضعف الروبل.
وعن مدى إمكانية فرض عقوبات جديدة، وما هو الأثر الذي قد يترتب عليه؟
يقول ستادنيك، "أعتقد أن الجميع قد أدركوا الآن أن العقوبات ليس لها الأثر المنشود. من حيث الضغط على روسيا، فهي ليست سوى خطوة لإرضاء أولئك الذين فرضوها. والعقوبات تؤثر على من ينفذونها. على سبيل المثال، حجم الخدمات المالية الروسية في الولايات المتحدة آخذ في الازدياد، في حين أن حجم الخدمات المالية الأمريكية في روسيا قد تقلص بشكل كبير. ويعزى هذا الخلل إلى التدابير التقييدية التي اتخذتها الولايات المتحدة في القطاع المالي بهدف تعزيز الصادرات المالية للشركات المحلية".
وفي رده على سؤال حول نجاح شركات تكنولوجيا المعلومات الروسية بالتنافس في السوق الأمريكية؟، أجاب ستادنيك: إن حصة صادرات البرمجيات من الحجم الإجمالي للصادرات الروسية آخذة في النمو في السنوات القليلة الماضية، وذلك أساسا بفضل النمو في هذا القطاع بشكل متزايد. فقد شكلت صادرات البرمجيات، بما في ذلك خدمات تطوير البرمجيات، 1.1% من إجمالي الصادرات الروسية في عام 2014 (مقارنة بنسبة 1% في عام 2013، و 0.88% عام 2012، و 0.8% عام 2011). أما في عام 2015 فقد  بلغ هذا الرقم 1،7٪.
ووفقا لتقديرات مختلفة، فقد تصل صادرات تكنولوجيا المعلومات الروسية حاليا إلى ما بين 2 إلى 7 مليار دولار. ويعتقد أن ما يتراوح بين 40 و 50% من جميع صادرات البرمجيات متجهة نحو الولايات المتحدة.
وحول تأثير ثورة النفط الصخري الأمريكية على هيكل الصادرات الروسية بشكل أو بآخر، قال ستادنيك: في عام 2014، عندما انخفضت أسعار النفط الخام من 100 دولار إلى 30 دولارا للبرميل، تقلص عدد منصات النفط العاملة من 2000 إلى 500، وهو أدنى رقم قياسي. كان السبب بسيطا وهو ارتفاع تكاليف الإنتاج من الصخر الزيتي في الولايات المتحدة وفي تلك الفترة كانت روسيا تزيد صادرات النفط إلى أمريكا.
ومع ذلك، شهد العامان الماضيان قفزة تكنولوجية نوعية في تحسين العائد الأمثل والحد من التكاليف. وبدأ عدد الآبار ينمو مرة أخرى، لكن الانتاج الخام عاد تقريبا إلى مستويات ما قبل الأزمة. وهذا يعني أن أسعار النفط من غير المرجح أن تنمو في المستقبل القريب؛ في الواقع، فإنها قد تنخفض بالفعل إلى 30 $ للبرميل مرة أخرى.
في أدنى نقطة لسعر النفط، كانت الشركات الروسية تسوق بقوة وتمكنت من زيادة المبيعات بشكل كبير، وملء المنافذ التي تم اخلاؤها في السوق. الآن بعد أن ارتفعت الأسعار مرة أخرى، تحاول شركاتنا الاحتفاظ بعملائها وتأمين المكتسبات. والسؤال المطروح هو ما إذا كان المنتجون في الولايات المتحدة سوف يتمكنون من خفض كلفتهم إلى الحد الذي يمكنهم من بدء المنافسة مع السوق الأجنبية. بالإضافة إلى ذلك، بالنسبة لبعض الولايات الأمريكية، مثل ألاسكا وهاواي، روسيا هي تاريخيا أكبر مورد للنفط بفضل تاريخ طويل من التجارة.
روسيا هي أيضا شريك تجاري رئيسي للويزيانا، هاواي، ألاسكا، واشنطن، ألاباما، وتكساس. وفي العام الماضي وحده، قامت روسيا بتصدير سلع بقيمة 2.5 مليار دولار من خلال كل من لويزيانا وتكساس.
وحول تواجد الشركات الروسية في السوق الأمريكية، وضخامة الضغط البيروقراطي، ذكر ستادنيك أنه : إذا كنا نتحدث عن الشركات والعلامات التجارية العاملة في الولايات المتحدة، فقطاع تكنولوجيا المعلومات الروسية في أمريكا يمثله شركات مثل كاسبيرسكي لاب، أبي، Mail.ru، ياندكس، التقنيات المعرفية، أكرونيس، ومثيلاتها. في النقل، هناك ايروفلوت، سوفكومفلوت، وفولغا دنيبر. في المطاعم العامة، تيريموك ومخابز ستول . العلامات التجارية الروسية الشهيرة هي الشوكولاته بوبيدا وكراسني أوكتيابر للحلويات، فضلا عن المبيعات الروسية  من  الفودكا، الكافيار الروسي والعسل. وهناك أيضا لوكوال وهالوبوليمر، والمنتجات الكيميائية الروسية والأسمدة.
قصص النجاح الروسي في الولايات المتحدة هي بسبب التعاون وتشجيع الشركات الأخرى على العمل في السوق الأمريكية، ولهذا أيضا تأثير على العقوبات. هناك العديد من هذه الأمثلة، التي تضم العديد من الشركات الجديدة التي أنشئت بالفعل، وهي تخلق تلك الصورة أن كل شيء روسي هو ذو جودة عالية ولذيذ ومفيد وموثوق بها.
وحول سهولة قيام رجال الأعمال الأمريكيين بالعمل في روسيا، قال ستادنيك :"لقد أثرت العقوبات بالتأكيد على الشركات الأمريكية العاملة في روسيا، مما أجبر العديد منهم على إغلاق مكاتبهم. وبسبب إجراءات الرقابة الخاصة بهم، فرضت أمريكا قيودا فعلية على الوصول إلى السوق الروسية لشركاتها الخاصة. ولكن الأميركيين يدركون أن روسيا شريك استراتيجي، وقد احتفظت الكثير من الشركات بمكاتبها التمثيلية في البلاد".