لهذه الأسباب تركيا تبتلع الفشل والخسائر…

21.02.2020

قبل أسابيع قليلة، بدأ الجيش السوري عملية عسكرية في أرياف حلب وإدلب، ونتج عن هذه العملية تأمين مدينة حلب وطرد الإرهاب من عشرات المدن والقرى السورية، وهذا اعتبره مراقبون تطوّراً بارزاً يؤشر إلى قرار سوري حاسم بتصفية كلّ البؤر الإرهابية على الأرض السورية.

إلى الآن، حققت العملية العسكرية السورية أكثر مما كان محسوباً في مرحلتها الأولى، فإلى تأمين مدينة حلب بالكامل، وهي العاصمة الاقتصادية لسورية، بسط الجيش السوري سيطرته على مناطق هامة واستراتيجية تُسهّل عليه إنجاز المرحلة الثانية وهي تحرير مدينة إدلب، ومن ثم استكمال معركته لدحر ما تبقى من بؤر إرهابية في غير منطقة سورية.

لا شك في أنّ نتائج المرحلة الأولى للعملية العسكرية السورية في أرياف حلب وإدلب، شكّلت صدمة لرعاة الإرهاب، وتحديداً لتركيا الأردوغانية التي أدركت بأنّ حركة قواتها داخل الأراضي السورية دعماً للمجموعات الإرهابية، باتت في مرمى الرصد السوري، ومكشوفة بالكامل عسكرياً وسياسياً، وعلى كلّ الصعد. ولهذا السبب وغيره، دأب المسؤولين الأتراك وفي مقدّمهم الإرهابي رجب طيب أردوغان، على إطلاق سيل من التهديدات، في محاولة لوقف العملية العسكرية السورية، وقد ذهب الإرهابي أردوغان في تهديداته الى حدّ مطالبة دمشق بسحب قواتها الى مواقع سابقة لبدء معركة إدلب، غير أنّ دمشق لم تكترث للتهديدات التركية، وردّ الجيش السوري بمواصلة تقدّمه، موسعاً نطاق سيطرته الميدانية، ومعززاً حال الانكشاف التركي، في وقت ردّت روسيا على أردوغان بلسان المتحدثة باسم وزارة الخارجية ماريا زاخاروفا، قائلة: “في ما يخصّ هذه التصريحات.. فثمة دول عدة تحسب أنّ بإمكانها الإدلاء بها، مع أنه، من وجهة نظرنا، ينبغي في مثل هذه الظروف، تفعيل قنوات الخبراء قبل كلّ شيء، فلهذه القنوات إمكانات هائلة”.

النظام التركي الاخواني يواجه مأزقاً حقيقياً، وهو يستجدي حلفاءه في “الناتو”، لتغطية عدوانه على سورية مباشرة وبواسطة المجموعات الإرهابية، غير أنّ “الناتو” بحسب ميثاقه غير ملزم بمساندة تركيا وهي في غير موقع الدفاع عن النفس. والواضح أنّ “الناتو” سيكتفي بالوسم الذي نشره على صفحته على “تويتر” أمس، “تركيا هي الناتو”!

أمام هذا الانكشاف التركي عسكرياً وسياسياً وأخلاقياً، فإنّ كلّ التهديدات التي يطلقها النظام التركي المجرم سترتدّ عليه. هذا النظام الإرهابي يدور الآن في حلقة مفرغة ومعزولة، فهو انتهك القرار الدولي 2254 الذي يؤكد احترام سيادة ووحدة الأراضي السورية، ومستمرّ في دعم المجموعات المصنفة دولياً بأنها مجموعات إرهابية، كما أنّ تركيا لم تفِ بالتعهّدات والالتزامات التي تمّ التوصل إليها مع روسيا وإيران في أستانا وسوتشي، لا بل تنصّلت من كلّ الالتزامات، وسخّرت مراحل تنفيذها لتقديم دعم مضاعف للمجموعات الإرهابية.

صحيح أنّ التهديدات التركية هي تعبير عن غريزة أخوانية إرهابية تجاه سورية، غير أنّ هذه التهديدات في ظلّ واقع إقليمي ودولي مفتوح على كلّ الاحتمالات، لا تعدو كونها فقاعات صوتيّة، تماماً كما وصفها الرئيس الدكتور بشار الأسد، ذلك لأنّ أيّ تورّط تركي في مواجهة مباشرة، سيفتح أبواب الجحيم على صعيد المنطقة والإقليم وربما العالم بأسره.

واضح، أنّ تركيا مأزومة، ولا تستطيع خوض المواجهة بمعزل عن حلفائها، لذلك فهي بحسب وكالة بلومبرغ “طلبت من الولايات المتحدة نشر بطاريتين من منظومات “باتريوت” لضمان حرية التصرف واستخدام مقاتلات F-16 ضدّ القوات السورية في إدلب”، لكن هذا الأمر لن يمرّ في ظلّ الوجود الروسي، لذلك، فإنّ التهديدات التركية سستبقى محصورة في تقديم الدعم للمجموعات الإرهابية وإسنادها بالمدفعية لتغطية الهجمات على المواقع السورية، تماماً كما حصل بالأمس من هجوم إرهابي على محور النيرب.

ولكن، حتى الإسناد المدفعي التركي للإرهابيين لن يكون بمنأى عن الردّ السوري. وهذا مأزق إضافي جديد يواجه تركيا، وهي مضطرة أن تبتلع الخسائر التي أصابت قواتها من جراء الضربات الجوية السورية ـ الروسية التي استهدفت المدفعية التركية. ومضطرة أيضاً للرضوخ والتراجع والانكفاء وإعلان الفشل أمام إصرار الجيش السوري على تحرير كلّ الأرض السورية.