لغز الصواريخ النووية في كوريا الشمالية
أجرت كوريا الشمالية اختباراً جديداً للصواريخ الباليستية وبنجاح كبير. وذكرت السلطات اليابانية أن صاروخاً باليستياً كان يحلق في المجال الجوي الياباني (لم يكن أمام بيونغ يانغ طريقة أخرى لاختبار هذه الأسلحة بسبب الموقع الجغرافي) في المحيط الهادئ على بعد (1180 كم) شرق جزيرة هوكايدو الشمالية. في تموز اختبر الكوريون الشماليون الصواريخ الباليستية مرتين مما أدى إلى توتر العلاقات بين بيونغ يانغ وواشنطن. وزيادة العقوبات على كوريا الشمالية. وأصبح العالم على حافة الصراع الإقليمي. وتبادلت أمريكا وكوريا الشمالية التهديدات بضرب أهدافهما العسكرية.
اليابان قلقة
إن التجارب الجديدة للصواريخ الباليستية في كوريا الشمالية تعني بشكل جدي اليابان، والتي تعمل فيها العشرات من القواعد العسكرية الأمريكية. وفي حال نشوب صراع عسكري بين الولايات المتحدة الأمريكية وكوريا فإن القواعد الأمريكية ستصبح حتماً أهدافاً لضربات كوريا الشمالية. وسيكون من الجيد إذا لم تمتلك هذه الصواريخ رؤوساً نووية.
وقال رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي " بدأنا بجمع المعلومات وتحليلها فوراً وسنبذل كل ما في وسعنا لحماية المواطنين". وعقد اجتماعاً طارئاً لمجلس الأمن القومي حول هذه القضية يوم الثلاثاء. ولا توجد معلومات عن القرارات الملموسة المتخذة في نهاية هذا الاجتماع.
كما سيعقد مجلس الأمن الدولي اجتماعاً طارئاً حول هذه القضية.
منع المخابرات الكورية الجنوبية
وعلاوة على ذلك فإن تجارب الصواريخ ليست هي الأنباء المقلقة الوحيدة المتعلقة بكوريا الشمالية. وكشفت شبكة الخدمات الخاصة لكوريا الجنوبية نقلاً عن ال (سي إن إن)، عن استعداد بيونغ يانغ لإجراء الاختبار القادم للأسلحة النووية. وقد أخبرت وكالة الاستخبارات الوطنية (نيس) نواب كوريا الجنوبية عن ذلك في جلسة مغلقة. وقال أحد البرلمانيين الذين شاركوا في الاجتماع "أن كوريا الشمالية أكملت الاستعداد لإجراء تجربة نووية في النفق رقم 2 والنفق رقم 3 في موقع التجارب النووية في فونجري" وقد لوحظت أيضاً أنشطة مشبوهة في النفق رقم 4. وقد أجرت كوريا الشمالية بالفعل تجارب نووية في الأعوام 2006و 2009و 2013 ومرتين في عام 2016.
كل هذا يعني أن كوريا الشمالية تحقق وثوقية أنظمة التسليم وتعمل على تحسين أسلحتها. وفي الوقت نفسه فإن بيونغ يانغ لا تعطي اهتماماً لاحتجاجات البلدان الأخرى التي لا تشكك في حق أي بلد بامتلاك أسلحة نووية، ولكن تشعر بالقلق من أن تتحول لنظام بغيض لا يمكن التنبؤ به ولا السيطرة عليه.
ماذا تريد بيونغ يانغ ؟
بمجرد أن بيونغ يانغ قامت بإطلاق صاروخ جديد، فهي بذلك أظهرت أن ضرب قاعدة "غوام" حيث توجد القاذفات الاستراتيجية الأمريكية ليس مجرد خداع أو تهديد. وفي حال انتقال الصراع إلى مرحلة ساخنة، فإن الولايات المتحدة الأمريكية سوف تقوم بضرب المنشآت العسكرية لكوريا الشمالية.
وقد هدأ هذا التهديد الولايات المتحدة وخفف حدة التوتر. الآن أثبتت بيونغ يانغ أن هذه الضربة ممكنة تماما من الناحية الفنية. وفقاً للمعلومات الأولية فإن الصاروخ قد حلق نحو 2,7 ألف كيلو متر، بالقدر الذي يحتاجه للوصول إلى غوام. لم يكن على ما يبدو يستهدف تلك المنطقة، لذلك لم تعتبر الولايات المتحدة هذه المظاهر كبداية للأعمال العدائية.
هناك شيء واحد واضح. ولذلك اسمحوا لي أن أكرر ذلك مرة أخرى: لقد أظهرت كوريا للعالم أجمع رغبتها في إكمال ترسانة نووية كاملة التجهيز النووي بنجاح وبأي ثمن. وهي تعتقد أنها الفرصة الوحيدة لجعل الولايات المتحدة وحلفائها يحترمون سيادتها.
بماذا تفكر موسكو؟
إن الوضع حول كوريا الشمالية يدعو إلى اليأس الشديد.
كما أشار نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف بصراحة يوم الثلاثاء، فإن العقوبات المفروضة على كوريا الشمالية رداً على التجارب الصاروخية والنووية لم تعد فعالة.
من وجهة نظرنا، لم يعد من الممكن اتخاذ قرارات في مجلس الأمن لا تضمن ما يلي:
الإشارة إلى أنه لا يمكن أن يكون هناك حل عسكري للمشكلة، بل فقط سياسي.
بند من شأنه أن يستبعد عقوبات انفرادية إضافية تتجاوز العقوبات التي يحددها مجلس الأمن.
ونقلاً عن نائب وزير الخارجية الروسي، فإن موسكو تشعر بقلق بالغ إزاء تطور الوضع الآن، وكيفية تصعيد الوضع في شبه الجزيرة الكورية. غير أن روسيا ترى أن هذا ليس فقط مسؤولية كوريا الشمالية، حيث أن المناورات العسكرية الأخيرة المشتركة بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية. التي تم القيام بها كنسخة حفيفة مقارنة بالسيناريو الأصلي، كان لها تأثير على بيونغ يانغ للقيام بإطلاق جديد.
ماذا تتوقع بيونغ يانغ؟
تعتمد بيونغ يانغ على التأكيد على أنه بالرغم من أن مبادرتها أغضبت بكين وموسكو وأدت إلى نتائج مخيفة تمثلت بنشر نظام دفاع صاروخي أمريكي في كوريا الجنوبية، فإن روسيا والصين ستضطران إلى مناقشة الوضع، ولن تسمح بحدوث حرب كبيرة. ومع ذلك فإن حرباً صغيرة، مثل تبادل الهجوم عن بعد، مفيدة حتى لكوريا الشمالية، لأنها ستضمن التوحيد على أساس القومية في المجتمع الكوري الشمالي. وستثبت أن سياستها ضد أمريكا صحيحة، وهذا سيوجه انتباه العالم كله إلى كوريا الشمالية ويضع حداً لعزلتها الدولية. والبديل الوحيد هو قصف وتجويع بلد كامل والبدء بصراع دموي في شبه الجزيرة الكورية، سيبدأ بتدمير العاصمة الكورية الجنوبية التي تقع على خط ترسيم الحدود.
لم يتفق أحد على ذلك وهذا ممكن في حالة واحدة فقط، إذا أرادت الدوائر الحاكمة الأمريكية إعلان عدم الإلتزام من أجل عدم سداد الفوائد على ديونها ومن ثم إبطالها وعرضها كقوة قاهرة. ويقولون إنهم يقاتلون من أجل "الإنسانية التقدمية" وجميع التكاليف تذهب إليها.
تصريحات بوتين
يواجه المجتمع الدولي ما حذر منه رئيس روسيا فلاديمير بوتين في كلمته في مؤتمر ميونخ قبل عشر سنوات.
وقال" إننا نشهد اليوم فرط في استخدام القوة العسكرية في العلاقات الدولية، وهي القوة التي تغرق العالم في هاوية الصراعات الدائمة، ونحن نشهد ازدراء أكبر وأكبر للمبادئ الأساسية للقانون الدولي"
وواصل الرئيس الروسي قائلاً: في العلاقات الدولية، نرى بشكل متزايد الرغبة في حل مسألة معينة وفقاً لما يسمى بقضايا المصلحة السياسية، استناداً إلى المناخ السياسي الحالي، وهذا أمر خطير للغاية. حقيقةً لا أحد يشعر بالأمان، وأود أن أؤكد ذلك. لأنه لا يجوز لأحد أن يشعر بأن القانون الدولي يشبه جدار حجري يحميه، وبطبيعة الحال فإن هذه السياسة تحفز سباق التسلح، فإن الهيمنة تشجع حتماً عدداً من الدول على حيازة أسلحة الدمار الشامل".
بوتين، كما نرى، يتنبأ بالأزمة الحالية حول برنامج الصواريخ النووية لكوريا الشمالية، وإمكانية ظهور مثل هذه الحالات في أجزاء أخرى من العالم. لسوء الحظ لم يستمع الغربيون في ميونخ إلى ذلك. ولعل من المستحيل تعليم الناس على التفكير في هذا العالم.