الغرب منزعج.. حلب على شفا التحرير وموسكو تكثف مساعداتها لدمشق

30.11.2016

في حين يتقدم الجيش السوري، في الأحياء الشرقية لحلب ويحرر أحياها الواحد تلو الآخر، أعلنت موسكو تكثيف عملياتها الإنسانية في المدينة، في حين اعترف "التحالف الدولي" بأن طائراته ارتكبت "خطأً" بقصفها القوات الحكومية السورية في دير الزور في 17 سبتمبر/أيلول الماضي.

الجيش السوري يتقدم في حلب ويحرر 80 ألف مدني
وأعلن المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية إيغور كوناشينكوف، أمس، أن تقدم الجيش السوري في حلب غيَّر بدرجة كبيرة الوضع على الأرض، ومكَّن أكثر من 80 ألف مدني من الوصول إلى المساعدات الإنسانية، بعدما اتخذهم المسلحون دروعا بشرية على مدى سنوات.

وقال في بيان صادر عن زارة الدفاع الروسية "تمكن الجنود السوريون من تغيير الوضع بشكل كبير خلال الأربع والعشرين ساعة الأخيرة، وذلك بفضل العمليات المخططة بشكل جيد جداً وبتأنٍّ"، موضحا انه "بشكل عملي حُرِّرت تماماً نصف الأراضي التي احتلها مقاتلو المعارضة في السنوات الأخيرة في الجزء الشرقي من حلب".

روسيا تكثف مساعداته الإنسانية لسوريا
ومن جانبه، أعلن نائب رئيس الوزراء الروسي أركادي دفوركوفيتش للصحافيين، إن بلاده تعتزم إرسال مساعدات إنسانية إلى سوريا في صورة إمدادات قمح هذا العام، مضيفاً: "لا أستطيع تحديد الكمية، لكنها ستكون قريباً (وستبدأ) هذا العام".

وفي وقت سابق، أكد المتحدث باسم الكرملين ديميتري بيسكوف، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كلف وزارتَي الدفاع والطوارئ بإرسال مستشفيات متنقلة لتقديم المساعدة الطبية لسكان حلب والمناطق القريبة منها.

فيهذه الأثناء، تناقلت وسائل الإعلام أنباء عن هروب آلاف المدنيين من مناطق حلب الواقعة تحت سيطرة المسلحين، الى مناطق سيطرة قوات الجيش السوري.

الغرب ينتقد طرد الإرهابيين من حلب ويلوح بعقوبات ضد موسكو
وعلى الجانب الآخر، سارعت واشنطن والدول الأوروبية والمؤسسات الدولية الغربية، لإطلاق التحذيرات والإتهامات، إذ أكد مدير العمليات الإنسانية للأمم المتحدة ستيفن أوبراين، فرار حوالي 16 ألف مدني من شرق حلب "في الأيام الأخيرة"، متحدثاً عن وضع "مقلق ومخيف".

بدورها، قالت المتحدثة باسم "برنامج الأغذية العالمي" بتينا لوشر في جنيف، إن المدنيين في شرق حلب يواجهون ظروفا "رهيبة" واصفة الوضع بأنه "انحدار بطيء نحو الجحيم".

وأعلنت الأمم المتحدة عن نقل مساعدات إنسانية إلى 4 مدن سورية محاصرة هي مضايا والزبداني في ريف دمشق، والفوعة وكفريا في ريف إدلب، للمرة الأولى منذ شهرين، ضمن ما يسمى "اتفاق المدن الأربع".

وفي سياق ردود الفعل الغربية على العمليات في شرق حلب، طلب وزير الخارجية الفرنسي جان مارك آيرولت، أمس، عقد اجتماع لمجلس الأمن الدولي "فورا" إزاء "الكارثة الإنسانية" في حلب، من أجل "النظر في الوضع في هذه المدينة الشهيدة وبحث سبل تقديم الإغاثة لسكانها"، معتبراً أنه "ثمة حاجة ملحة أكثر من أي وقت لتطبيق وقف للأعمال الحربية والسماح بوصول المساعدة الإنسانية من دون قيود".

روسيا ترد على تلويح الغرب بعقوبات
وردا على تصاريح وزارات الخارجية في الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، عن عقوبات ضد موسكو بسبب "خسائر هائلة" في صفوف المدنيين بحلب، جراء عملية الجيش السوري لاستعادة أحياء المدينة الخاضعة لسيطرة المسلحين، استهجنت وزارة الدفاع الروسية موقف الغرب، الذي يلوح بفرض "عقوبات جديدة ضد موسكو، ردا على تحرير أكثر من 80 ألف سوري كانوا عالقين في حلب كرهائن في أيدي الإرهابيين".

وقال اللواء إيغور كوناشينكوف، الناطق باسم وزارة الدفاع الروسية، الثلاثاء 29 نوفمبر/تشرين الثاني، "لسنوات على التوالي، بقي هؤلاء السوريون كدروع بشرية في حلب لحماية الإرهابيين من كافة الألوان. وكان الساسة الغربيون يزعمون أنهم يدافعون عن هؤلاء المدنيين. لكن اليوم اتضح أن تحرير ما يربو عن 80 ألفا من سكان حلب، لم يكن أبدا جزءا من خطط وزارات الخارجية البريطانية والفرنسية ولأمريكية والبندستاغ الألماني. ووصل الأمر إلى إطلاق دعوات لفرض عقوبات جديدة".

وأشار كوناشينكوف إلى أن عشرات آلاف الأطفال يسكنون في المناطق التي استعاد الجيش السوري السيطرة عليها، والتي تبلغ مساحتها نصف مساحة كافة الأحياء الخاضعة لسيطرة المسلحين في حلب. وأضاف أن العديد من المدنيين كانوا لفترة طويلة محرومين من مياه الشرب والطعام والمساعدات الطبية، وهم حصلوا على ذلك كله في المراكز الإنسانية التي نشرتها روسيا في حلب.

دمشق تسعى للسيطرة على حلب قبل تولي ترامب الرئاسة
إلى ذلك، أكد مسؤول في التحالف العسكري الذي يقاتل دعماً للحكومة السورية، أن الجيش السوري وحلفاءه يهدفون لانتزاع السيطرة على شرق حلب بالكامل من أيدي "المعارضة" المسلحة قبل تسلم الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب السلطة في يناير/كانون الثاني المقبل لمنصبه، ملتزمين بجدول زمني تؤيده روسيا للعملية بعد تحقيق مكاسب كبيرة في الأيام الماضية.

داعش يأسر جنديين تركيين
وعلى الصعيد الميداني، فقد الجيش التركي الاتصال مع إثنين من جنوده يشاركان في عملية "درع الفرات" التي تهدف لطرد "داعش" من شمال سوريا.

وقال للجيش التركي في بيان إن "الاتصال مع الجنديين انقطع في نحو الساعة الثالثة والنصف بالتوقيت المحلي"، دون ذكر تفاصيل أخرى. في حين أعلنت وكالة "أعماق" التابعة لـ"داعش" أن مقاتلي التنظيم أسروا جنديَّين تركيين قرب قرية غرب بلدة الباب في ريف حلب.

أردوغان: دخلنا سوريا لإطاحة الأسد
وعلى الصعيد السياسي، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عبر كلمة ألقاها في ندوة مكرسة للقدس في إسطنبول، الثلاثاء 29 نوفمبر/تشرين الثاني: "حسب تقييماتي، لقي قرابة مليون شخص حتفهم في سوريا. ومازال الناس يموتون، بينهم أطفال ونساء ورجال. أين الأمم المتحدة؟ ماذا تفعل؟ هل هي في العراق؟ لا! لقد دعونا إلى الصبر، لكننا لم نقدر على تحمل هذا الوضع في نهاية المطاف ودخلنا سوريا مع الجيش السوري الحر".

واستدرك أردوغان قائلا: "لماذا دخلنا؟ لا نخطط للاستيلاء على الأرض السورية، بل المهمة هي إعطاء الأراضي لأصحابها الحقيقيين. وهذا يعني إننا هنا من أجل إحلال العدالة. دخلنا لكي نضع الحد لحكم الطاغية الأسد الذي يرهب السوريين بدولة الإرهاب. ولم يكن دخولنا لأي سبب آخر".

وكان الجيش التركي قد بدأ عملية "درع الفرات" في شمال سوريا يوم 24 أغسطس/آب الماضي، بالتعاون مع بعض الفصائل المنضوية تحت لواء "الجيش السوري الحر". وكان الهدف المعلن للعملية هو تطهير المناطق المحاذية للحدود التركية من أي وجود لتنظيم "داعش" الإرهابي، لكن القوات التركية والفصائل المدعومة من قبلها دخلت مرارا في المواجهة مع القوات الكردية التي تحارب في صفوف تحالف "قوات سوريا الديمقراطية". كما اتهمت أنقرة الطيران الحربي السوري بقتل 3 ضباط أتراك بقصف جوي على مواقع الجيش السوري قرب مدينة الباب السورية الحدودية الأسبوع الماضي.

أبو الغيط يهاجم تركيا وبتهمها بدعم الإرهاب
وفي سياق متصل، شنّ الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، أمس الأول، هجوماً على تركيا، مؤكداً أنها "سمحت بمرور الآلاف من الشباب الغربي والعربي عبر أراضيها إلى العراق وسوريا"، لافتاً إلى أنها سمحت بوجود تنظيم "داعش" في سوريا، بهدف إسقاط نظام الحكم القائم فيها، وهو ما يطرح الكثير من علامات الاستفهام.

وقال أبو الغيط خلال مقابلة لقناة "صدى البلد"، إن الإرهاب سيعود لتركيا من خلال الشباب والفتيات "المهاويس" الذين ذهبوا لسوريا والعراق، لافتاً إلى أن "داعش" في طريقه إلى الأفول كقوة عسكرية على الأرض.

وأضاف أبو الغيط أن جماعات الإرهاب منتشرة في المدن وفي خلايا صغيرة، وأفكارها المتطرفة قد تستمر لسنوات عديدة، ولكنها ستنتهي. وأوضح أن هناك العديد من الدول التي لا ترغب في مواجهة "داعش" سوى بالغارات الجوية خوفاً على جنودها وأبنائها من الهلاك في تلك المواجهات، لافتاً إلى أن القوة الجوية لن تفلح في الحرب مع التنظيم الإرهابي.

وأشار أبو الغيط إلى أنه لا بد من عودة الدولة المركزية في سوريا والعراق مرة أخرى للسيطرة على كل الأراضي للحفاظ على وحدتها.

البنتاغون: قصف الجيش السوري "خطأ غير مقصود"
وأقر "التحالف الدولي"، أمس، بشن غارة عن طريق الخطأ على القوات السورية قرب دير الزور في17 سبتمبر/ايلول الماضي، أدت الى مقتل نحو 90 جنديا سوريا.

وأكدت وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" أنها "لم تتمكن سوى من إحصاء مقتل 15 جندياً، إلا أنها أقرت بأن العدد قد يكون أعلى من ذلك"، مؤكدةً أن بعض تفاصيل التحقيق ستبقى سرية.

وقال الجنرال ريتشارد كوي الذي حقق في الهجوم: "في هذا الحادث ارتكبنا خطأ غير مقصود ومؤسف كانت وراءه بشكل أساسي عوامل بشرية في العديد من المناطق في عملية الاستهداف".

ومن أهم تلك الأخطاء أن قوات "التحالف" اعتقدت أن "عربة تابعة للقوات السورية تعود إلى داعش، ما أثر على التقييمات الاستخبارية التي ترتبت على ذلك".

وأوضح "البنتاغون" أن ما يزيد من تعقيد الأمور هو أن القوات السورية لم تكن ترتدي زيا عسكريا يمكن التعرف عليه أو تحمل رايات تميزها.

وأشار كوي إلى أن القوات الروسية اتصلت بقوات "التحالف" لإبلاغها بأن الضربة استهدفت قوات الجيش السوري، موضحاً أن الاتصال تأخر27 دقيقة، لأن الضابط الذي يتحدث معه الروس عادة، "لم يكن متواجداً"، لافتاً إلى أنه "خلال تلك الفترة، وقعت نحو نصف الضربات المنفصلة وعددها 32 ضربة، غير أنه وفور تمكن الروس من التحدث إلى نقطة الاتصال المعتادة توقفت الضربات".