الضربة شكلية و"المهمة أنجزت"... والصواريخ السورية قهرت التوماهوك الأطلسية
شكل الاكتساح العسكري الإستراتيجي والخاطف الذي حققه الجيش السوري في الغوطة الشرقية التي كانت تشكل أكبر وأهم معقل لحلفاء واشنطن والأطلسي في سوريا صدمة للمحور الأطلسي وحلفائه، وما إن حسمت المعركة لصالح الجيش السوري وحلفائه، بدأ المحور الأمريكي بالتهديد بشن ضربة ضد سوريا.
دوائر القرار الأمريكي والغربي ومراكز دراساتها تدرك تداعيات شن هجوم على سوريا، وأولها إشعال الشرق الأوسط، وأنه سيكلفها ما لا تستطيع تحمله من الناحية الإستراتيجية، وذكرت مصادر في تصريحات خاصة إلى شبكة "CNN" الأمريكية أن كبار القادة العسكريين الأمريكيين، بينهم وزير الدفاع جيمس ماتيس، حذروا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من تصعيد التدخل الأمريكي في سوريا. وبالتالي قرر ترامب إغلاق الملف، وحفاظا على ماء الوجه بعد كل هذا التصعيد الإعلامي، قامت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا فجر اليوم السبت بتوجيه عدد من صواريخ التوماهوك إلى سوريا وأسفرت عن إصابة 3 أشخاص واستمرت العملية 50 دقيقة، ليعلن بعدها البنتاغون انتهاء الهجوم على سوريا.
بعد هذه الضربة الاستعراضية المحدودة، صرح وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان في بث تلفزيون "بي إف إم تي في"، أنه لن تكون هناك ضربة ثانية موجهة لدمشق، إذ أن الضربة الأولى حققت أهدافها، وأن هذه العملية لا تهدف إلى "إسقاط النظام"، وبعد ذلك قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إن "المهمة أنجزت"، بالتزامن مع استمرار الحياة الطبيعية في سوريا، ومع حزن وامتعاض عام خيم على صفحات "المعارضة" وجمهورها لأن الضربة انتهت فقط بثلاثة جرحى وبوقت قصير، فقد كان مفكرو المعارضة السورية والعربية يتوقعون هجوما أطلسيا كاسحا يطيح بالدولة السورية والأسد والجيش السوري.
من جهة أخرى برزت قوة وفعالية سلاح الصواريخ السوري في صد الصواريخ الأطلسية، وأبرز مهندسو وخبراء الصواريخ السوريون أداء رائعا في مواجهة الصواريخ وأسقطوا أكثر من 70 صاروخا فيما تمكن عدد قليل فقط من الصواريخ المهاجمة من الوصول إلى الأرض السورية وجرح ثلاثة سوريين، وأعلن رئيس إدارة العمليات العامة في الأركان الروسية، الفريق أول سيرغي رودسكوي، اليوم السبت، أن الدول الغربية استخدمت بضرب سوريا 103 صواريخ كروز بما في ذلك "توماهوك. وأضاف رودسكوي: " "تم اعتراض 71 صاروخا من طراز كروز ، واستخدمت الدفاعات الجوية السورية منظومات أس-125 وأس200 وبوك وكفادرات وأوسا في صد الهجوم الصاروخي. هذا يدل على الكفاءة العالية للقوات السورية المجهزة والمدربة بشكل عالي من قبل المتخصصين لدينا، وقال "منظومات الدفاع الجوية الروسية في حميميم وفي طرطوس رصدت وتابعت مسار جميع الصواريخ". وأكد رودسكوي أن "المواقع التي تم تدميرها في سوريا كانت مدمرة أصلا".
خبراء الصواريخ السوريون تصدوا للهجوم الصاروخي الأطلسي بمنظومات رديفة للقوة الصاروخية السورية الأساسية والمتطورة، حيث لفتت وزارة الدفاع الروسية إلى أن مطار الضمير شرقي دمشق قد تعرض لهجوم من 12 صاروخ مجنح وتم اعتراضها جميعا، وأن الوسائط الصاروخية السورية التي تصدت للهجوم صُنعت في الاتحاد السوفيتي قبل ما يزيد على 30 عاما، وهذا أيضا يحمل رسالة تكنولوجية أنه في حال التصعيد سوريا ستكون جاهزة لأي مواجهة صاروخية مفتوحة.
إذا كان حزب الله قد فاجئ إسرائيل في عام 2006 بصواريخ أصابت نقطة الصفر في حيفا وضربت البارجة الإسرائيلية "ساعر" في البحر، وفاجئها بكميات الصواريخ خلال 33 يوم من الاشتباك الصاروخي، فهل ستكون واشنطن وحلفاؤها جاهزين لمفاجئات صاروخية سورية في حال التصعيد؟؟.. أعتقد أنهم يدركون ذلك ولذلك صرحوا أن "المهمة أنجزت" اليوم.
واشنطن تحاول تأخير ساعة خروجها من سوريا من خلال هذه الأعمال والتصعيد، لكنها بالمطلق لن تستفيد من هذا التصعيد، فدورها في تلقي المفاجئات في قواعدها العسكرية في سوريا قادم لا محال، وهي تدرك ذلك، وبعيدا عن ضجيج وزخم الإعلام والتصريحات، فإن الحقيقة المطلقة هي قوة واستقرار المحور السوري الروسي الإيراني حزب الله.
الآن سيتقدم الجيش السوري لاستعادة جنوب دمشق (القدم واليرموك التضامن وببيلا)، ثم له وجهات جديدة قد تكون في درعا والجنوب لإغلاق هذا الملف والانتقال بعدها إلى الشمال لاستعادة إدلب وعفرين التي توقعت في مقال سابق أنها ستكون في نهاية هذا العام فيما يشير خبراء إلى أن معركة استعادة إدلب قد تنطلق خلال 4 شهور، وبعد ذلك ستكون عفرين وباقي الشمال هو الهدف المطلوب إعادته لسيطرة الدولة السورية.