البنتاغون يحتفظ برمز الحرب الباردة في الخدمة
ينوي ترامب زيادة 52 ألف مليار دولار إلى الميزانية العسكرية الأمريكية لتصل ميزانيتها في عام 2018 إلى 639 مليار دولار، إذ تبلغ الميزانية الأساسية للبنتاغون 574،5 مليار دولار وتخصص 64،6 مليار دولار لتكاليف عمليات الطوارئ الخارجية وبالتالي تكون القوات الجوية الأميركية قد حصدت مكافأة رائعة، و كانت القيادة العسكرية الأمريكية قد اتخذت قرارا بالحفاظ على بقايا الحرب الباردة والتي هي عبارة عن طائرة تجسس من طراز لوكهيد يو-2 دراغون ليدي (Lockheed U-2 Dragon Lady).
مشاركة سلاح الجو:
بصرف النظر عن تخفيض تكاليف الدفاع الذي بدأته إدارة باراك اوباما، أعلنت الإدارة الرئاسية الجديدة أنها تعتزم استثمار 6،7 مليار دولار لاستعادة القوة العسكرية للولايات المتحدة من أجل حماية مصالحها في الداخل والخارج .وبالإضافة إلى ذلك، ستحصل القوات الجوية الأمريكية على 183 مليار دولار أمريكي وذلك بزيادة تبلغ 6.9% عما كانت عليه في السنة المالية 2017 (حيث تبدأ السنة المالية الجديدة في الأول من تشرين الأول/أكتوبر). إضافة إلى ذلك ستتلقى القوات الجوية 84 طائرة قتالية بالإضافة إلى 70 مقاتلة من الجيل الخامس من طراز مولت يول F-35
طائرة التجسس :
على أية حال فإن الشيء الأهم هو أن قيادة سلاح الجو الأمريكي وبعد أن تلقت ذاك التمويل الإضافي قررت الاحتفاظ بطائرة الاستطلاع الاستراتيجي (لوكهيد U-2 دراغون ليدي ) في الخدمة و التي تعتبر رمزا رئيسيا للحرب الباردة. وقد تم تصميم طائرة الاستطلاع هذه العالية الارتفاع (على ارتفاع 21،3 كم ومسافة 2،8 ألف كم) خصيصا من أجل مراقبة سور الاتحاد السوفيتي بحيث تكون بعيدة عن متناول محطات الرادار واعتراض المقاتلات و أنظمة دفاع الجو.
أول رحلة من U-2 قدمت في عام 1955إلا أنه منذ عام 1957أصبحت 20 طائرة نشطة تحلق لصالح وكالة المخابرات المركزية CIA. وعلى الرغم من أن الطائرة كانت عسكرية وكان يقودها طيار تابع للقوى الجوية إلا أن الرئيس الأمريكي أيزنهاور لم يرغب بأن تدخل طائرة عسكرية سرا إلى المجال الجوي للاتحاد السوفيتي لأنها قد تؤدي إلى حرب عالمية ثالثة.
في الواقع ووفقا للقانون الأميركي، تعتبر وكالة المخابرات المركزية منظمة مدنية لاعسكرية.
وقد اعتبرت طائرة التجسس U-2 على أنها الطائرة الأكثر مناعة، لكن قوات الدفاع الجوي السوفيتية أثبتت وجهة النظر المعاكسة حيث أسقطت طائرة ( يو -2 ) والتي يديرها قائد سلاح الجو الأمريكي (غاري باورز) من قبل نظام الصواريخ المضادة للطائرات (ЗРК) ( С-75 ) دفينا “Dvina" في منطقة سفيردلوفسك في 1 أيار/ مايو 1960.
و بعد هذا الفشل، تم الكشف عن الطائرة وأصبحت مشهورة عالميا ولكن بطريقة سلبية ولم تحلق أي طائرة تجسس فوق الاتحاد السوفييتي منذ ذلك الحين. وقد نجحت السلطات الأميركية إلا أنها أدينت بتهمة التجسس.
وفي وقت لاحق، تم تبادل الطيار مع ضابط المخابرات السوفيتي رودولف أبيل (تبادل أسرى).
إلى جانب ذلك، أصبح نظام الصواريخ المضادة للطائرات (ЗРК) (С-75) كابوسا لطائرات التجسس U-2. وقد سلمت الولايات المتحدة عدة طائرات من طراز ( يو -2 ) إلى سلاح الجو التايواني، إلا أن قوات الدفاع الجوى الصينية أسقطت أربعة منهم بنظام الصواريخ المضادة للطائرات من طراز (سى - 75 ) في عامي ( 1962 -1965) .
وخلال أزمة الكاريبي قام نظام الصواريخ السوفيتي المضاد للطائرات (ЗРК С-75 ) دفينا “Dvina" بتدمير طائرة أمريكية من طراز (يو -2 ) في 27 تشرين الأول / أكتوبر 1962.
بدأ البنتاغون منذ عام 2011 العمل على تخفيض التكاليف المترتبة عليه وفي آذار/ مارس 2014 قدم مشروع يقضي بإزالة كل من طائرات الهجوم فيرتشايلد A-10 الصاعقة 2 ( A-10 Thunderbolt II) و طائرات الاستطلاع U-2 دراغون ليدي ( U-2 Dragon Lady ) وقد كان من السهل إزالة طائرات الهجوم حيث تم استبدالها بالجيل الخامس من مقاتلات البرق F-35
و كان من الضروري استبدال الطائرات القديمة من طراز U-2 بطائرات المراقبة بدون طيار RQ-4 غلوبال هوك. إلا أن القوات العسكرية قاومت ذلك لفترة طويلة كما فعل مصمم شركة الطائرات لوكهيد مارتن فقد أرادوا إطالة مدة خدمة الطائرة U-2 حتى عام 2023 ، وأوضح مارتن وجهة نظره بأن طائرات المراقبة بدون طيار RQ-4 غلوبال هوك يجب أن تواكب القدرة التجسسية للطائرة U-2 . على أية حال فإن هذه المبادرة قوبلت بالرفض من قبل مجلس الكونغرس الأميركي.
كما و لعبت الاعتبارات المالية دورا هاما جدا. فتكلفة ساعة طيران واحدة من U-2 هو 32 ألف دولار بينما ساعة طيران واحدة من طائرات المراقبة بدون طيارRQ-4غلوبال هوك يكلف 24 ألف دولار فقط.
ومرة أخرى الجواسيس في الخدمة:
بدا وكأن مصير طائرة التجسس قد استقر ولكن فجأة حدثت الأزمة الأوكرانية. و بدأت الهستيريا المناهضة لروسيا والتي كانت مفيدة جدا للبنتاغون والجيش الأوروبي. فقد بدأت الميزانيات العسكرية تنمو وبدأ حلف الأطلسي يتحرك بشكل منظم إلى الحدود الروسية. وبدأت جميع أنواع طائرات التجسس بالتحليق قرب الحدود الروسية إلا أن القوات الجوية الروسية كانت لهم بالمرصاد فتصيدتهم مرة بعد مرة.
أما الآن فالعسكري دونالد ترامب أصبح رئيسا للبيت الأبيض وتلقى الجيش تفويضا مطلقا وبقيت طائرة التجسس الإستراتيجية في الخدمة.
تشمل القوات الجوية الأمريكية 32 طائرة U-2، خمسة منهم نسخة مزدوجة تستخدم للتدريب واثنتين منهم تطيران لصالح ناسا.
وتوضح القوى الجوية الأمريكية أنه من الضروري استغلال جميع الفرص لجمع المعلومات الاستخباراتية طالما الوضع العسكري -السياسي المعقد لايزال موجودا في العالم.
ومع ذلك، هناك نقطة رمزية لا يمكن إنكارها حيث أن الطائرة U-2 هي رمز المواجهة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي خلال فترة الحرب الباردة. فروسيا هي خليفة الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة قد عادت إلى ذاك الوضع (وضع الحرب الباردة)، والجيش الأمريكي يحتاج إلى تلك الآلة التي تدل على أن الحرب الباردة لم تنتهي.