كييف والغاز الروسي.. نظرة أوكرانية جديدة أكثر موضوعية
قد تبدأ كييف مرة أخرى في شراء الغاز من روسيا بعد مرور أكثر من نصف السنة على وقف المعاملات. وتقترح شركة "نفتوغاز" الأوكرانيةعلى "غازبروم"، المشاركة في مناقصة توريد الوقود على قدم المساواة مع موردين أوروبيين. ويشير الخبراء إلى أن الغاز الأوروبي أكثر تكلفة من غاز روسيا، وأن الجانب الأوكراني سيحاول تعديل الاتفاقات التي كانت سابقا بين "نفتوغاز" و"غازبروم".
وتلقت "غازبروم" من "نفتوغاز" الأوكرانية خطابا، يحمل طلب استئناف توريد الغاز. وقال رئيس مجلس إدارة الشركة الروسية أليكسي ميلر "الحديث يدور عن تسعة أشهر: النصف الثاني من 2016 والربع الأول من عام 2017. أي عن الشتاء المقبل، والفترة التي تسبقه". وأشار إلى أن طلب الجانب الأوكراني، مفهوم، ويرجع إلى اتخفاض حجم امدادات الغاز العكسية من أوروبا. "كمية النقل اليومي من أوروبا انخفضت في يونيو/حزيران بمعدل 6,4 مرات مقارنة مع مايو/أيار، وبـ16,8 مرة مقارنة بشهر أبريل/نيسان".
وقال رئيس شركة "نفتوغاز" الأوكرانية أندري كوبوليف، عبر القناة الخامسة الأوكرانية، إن "نفتوغاز" تود أن ترى "غازبروم" ضمن المشاركين في العطاء، الذي سيعقد في الربع الثالث من هذا العام. موضحا أن "غازبروم" ستضطر للتنافس مع الأوروبيين على سعر الغاز الذي يمكن أن تورده لأوكرانيا. ولكن إذا تمكنت من الفوز في منافسة عادلة، فسنقوم بشراء الغاز منها".
وأوضحت "نفتوغاز" في البيان الذي نشرته يوم 7 يونيو/حزيران، أن الشركة تعتبر سعر الغاز من شركة "غازبروم" معقولا من الناحية الاقتصادي. حيث السعر بلغ 130 دولارا لكل ألف متر مكعب. وفي مايو/أيار، كان السعر مبررا اقتصاديا وفقا لوزير الموارد الطبيعية والفحم الأوكراني إيغور ناساليك.
منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2015، توقفت أوكرانيا عن شراء الغاز الروسي، على الرغم من الحسومات الروسية التي استمرت حتى 1 أبريل/نيسان. وتستورد كييف الجزء الرئيسي من الغاز من أوروبا، وتبرر قرارها بأن الغاز الأوروبي أرخص من الروسي. وفي العام الماضي، تخلت أوكرانيا عدة مرات عن الغاز الروسي تماما - في الربع الثالث وفي نوفمبر/تشرين الثاني – ديسمبر/كانون الاول.
ونتيجة لذلك، انخفضت امدادات الغاز من روسيا العام الماضي بمعدل 2.4 مرات، وبلغت 6.1 مليار متر مكعب فقط، بينما تجاوزت الواردات العكسية من أوروبا 10 مليارات متر مكعب. وانخفضت نسبة استخدام الغاز الروسي في الاستهلاك المحلي الأوكراني من 38٪ في العام 2014 إلى 18٪ في العام الماضي، وفقا لـ"نفتوغاز" الأوكرانية.
ومع ذلك، فيما يتعلق بادعاءات انخفاض تكلفة الغاز الأوروبية العام الماضي، فهي ليست منطقية تماما، ولا ترتبط مع بيانات "نفتوغاز". فإذا كان الغاز الروسي العام الماضي، في شحنات الربع الأول من شركة "غازبروم"، في الواقع أكثر تكلفة من أوروبا - 329 دولار مقابل 301 دولار لكل 1000 متر مكعب، ففي الربع الثاني بلغ سعر الغاز الروسي 248 دولار، مقابل 275 دولار في الاتحاد الأوروبي، وفي الربع الثالث بلغ متوسط التكلفة الشهرية للغاز العكسي من أوروبا، بما في ذلك النقل إلى حدود أوكرانيا 266 دولار، في حين أن "غازبروم" عرضت سعر 248 دولار لكل 1000 متر مكعب. وحالة مماثلة وقعت في الربع الرابع: سعر الغاز الروسي كان أرخص من أوروبا (227 دولار مقابل 232 دولار).
وقال قسطنطين سيمونوف، رئيس صندوق أمن للطاقة الوطني "بشكل عام، اتضح أن واردات الغاز العكسية لأوكرانيا، مخسرة. وفقا لتقديراتنا، أوكرانيا دفعت العام الماضي 210 ملايين دولار زيادة (عما كان من الممكن أن تدفعه لروسيا). المبلغ ليس باهظ، ولكنه بالنسبة لأوكرانيا، ملحوظ".
سعر الغاز الأوروبي انخفض مقابل الروسي، بما في ذلك تكاليف التسليم، فقط في العام 2016: في الربع الأول سعر الإمدادات من روسيا كان 212 دولار لـ1000 متر مكعب، في حين بلغ متوسط تكلفة شراء الغاز من الاتحاد الأوروبي حوالي 200 دولار. وفقا لرئيس وزراء أوكرانيا ارسيني ياتسينيوك .. وفي الربع الثاني انخفض سعر الغاز من شركة "غازبروم" إلى 180 دولار (تم تخفيض السعر بعد انخفاض أسعار النفط، المرتبطة بالعقود طويلة الأجل، لشركة "غازبروم"). وبرأي السكرتير الصحفي السابق لـ"نفتوغاز"، فالنتين زيمليانسكي، "هذا سعر ينافس واردات الغاز الأوروبية العكسية".
ويشير زيمليانسكس إلى أن "الأمر يتعلق إلى حد كبير بمسألة النظام السياسي، صدرت كثير من التصريحات عن التخلي عن الغاز الروسي. هذا مخالف للعقيدة السياسية. من وجهة النظر الاقتصادية، كان التعاون مع شركة "غازبروم" أكثر ربحية".
ويعتبر فصل الصيف، الوقت التقليدي الذي تبدأ فيه أوكرانيا الاستعداد لقدوم موسم البرد. ولكن المحادثات التجارية حول إمدادات الغاز لموسم التدفئة، عادة تستؤنف في النصف الثاني أو في نهاية فصل الصيف. كييف بدأت على غير العادة المفاوضات في بداية الصيف، لأنه من الضروري ملء مرافق التخزين تحت الأرض، والوقت الأنسب هو الوقت الحالي - سعر الغاز، حساس تجاه النفط، ويظهر نفس الحركة الهبوطية مثل النفط، ولكن مع فارق حوالي نصف السنة.
ويقول قسطنطين سيمونوف "كان من الممكن الانتظار، لأن أوكرانيا تكتفي في الصيف بغازها. ولكن بما أن يناير-فبراير، شهدا أقل أسعار للنفط، فإن الغاز في الربع الثالث سيكون أقل تكلفة لكييف"، (وفقا لتقديرات مختلفة، في الربع الثالث، سعر 1000 متر مكعب قد ينخفض الى 120-130 دولار).
وعن الحد الأدنى لكمية الغاز التي قد تشتريها أوكرانيا، وفقا لسيمونوف، ستبلغ حوالي 6 مليارات متر مكعب: تم شراء هذه الكمية في العام السابق. ولكن الكمية المحددة تعتمد على الطقس، في الشتاء الماضي كان الطقس في أوكرانيا دافئا جدا، ما سمح إلى حد كبير بالتخلي عن الغاز الروسي. ووفقا لوزارة الطاقة وصناعة الفحم في أوكرانيا، انخفض الاستهلاك بنسبة 20.9٪ في العام 2015 مقارنة بالعام 2014، وبلغ استهلاك الغاز في البلاد 33.7 مليار متر مكعب.
وبرأي فالنتين زيمليانسكي، البند الرئيسي التي ستتم مناقشته عند المفاوضات، إذا ما حملت المفاوضات طابعا أكثر موضوعية – سيكون مبدأ ما يسمى "خذ أو إدفع"، الذي ورد في اتفاقات "غازبروم" مع "نفتوغاز".
هذا الشرط يعني التزام الجانب الأوكراني باختيار الحد الأدنى من الكميات المشتراة. وعند رفض استلام كميات الغاز المتعاقد عليها، يكون المشتري مهددا بمخالفات عقابية. وطالبت شركة "غازبروم" أوكرنيا بملغ 2,549 مليار دولار، مقابل 10,485 مليار متر مكعب رفضت أوكرانيا استلامها في الربع الثالث من العام الماضي. وتحاول أوكرانيا في محكمة التحكيم بستوكهولم، إثبات أن السعر الذي قدمته شركة "غازبروم" لم بكن مواتيا لسعر السوق (فقط لتجنب عقوبات مبدأ "خذ أو إدفع").
ولا يستبعد سيمونوف مثل هذه المفاوضات. مشيرا إلى أنه "على الأرجح، أوكرانيا لن تأخذ كل الكميات المحجوزة، ومن غير المعروف متى ستدفع مبالغ المخالفات العقابية. ولذلك، "غازبروم" يمكن أن تقدم بعض التنازلات، فلطالما أظهرت الشركة بعض المرونة فيما يتعلق بأوكرانيا"، موضحا أن مبدأ "خذ أو إدفع" لم يتم العمل به في العام الماضي، ثلاثة أرباع السنة.