خارطة "منتدى الحوار" الجزائري لحل الأزمة السياسية... وردود الأفعال الحزبية

10.07.2019

بعد طول انتظار وضغط متواصل من الشارع الجزائري خرج المشاركون في منتدى الحوار الوطني الجزائري الذي دعى إليه رئيس الدولة عبد القادر بن صالح ببيان ختامي تضمن أرضية  للحوار الوطني المزمع الشروع فيه مستقبلا.

و تصورا لكيفية الخروج من الأزمة التي تمر بها  الجزائر، سعيا لعدم الدخول في مأزق أمني قد يؤدي الى تكرار سيناريو الربيع العربي الدموي ثمن على أثره الكثير من المشاركين والمتتبعين للمشهد السياسي الجزائري هذه الخطوة، واعتبروا مسعى الحوار مسار حقيقي نحو تغيير جدي يضمن التحول الديمقراطي السلمي في الجزائرانطلاقا من ضرورة احتضان مطالب الحراك الشعبي، والذي لا يتحقق إلا من طرف هيئة توافقية مستقلة، وعدم إقصاء أي طرف سواء من المعارضة أو غيرها بما في ذلك كل القوى السياسية والشخصيات الوطنية التي لم تساند الدعوة للعهدة الخامسة، أودعت إلى تمديد العهدة الرابعة، من جهة التأكيد على احترام التطلعات الشعبية، وإعادة الثقة بين كل أطراف الحوار، ثم خلق جو مساعد لهذا الحوار من خلال اتخاذ إجراءات مطمأنة للرأي العام.
 

إعداد لمرحلة جديدة في الجزائر 

إن الدعوة إلى ضرورة تأسيس هيئة وطنية مستقلة تنظم وتشرف على الانتخابات التي يتم تحديد تاريخها في آجال معقولة تؤكد على نية المشاركين في المضي قدما نحو مرحلة جديدة تضمن المسار الديمقراطي في الجزائر، وهذا ما تضمنه  البيان، وتوصيات المنتدى، فنجاح هذه الهيئة يتطلب العديد من الإجراءات المتعلقة بإنشائها ومهامها وتشكيلتها، بالإضافة إلى ضمان استقلاليتها السياسية والإدارية والمالية، وفي هذا السياق اتفق المشاركون على جملة من التوصيات أهمها تعويض رموز النظام التي مازالت على رأس مؤسسات الدولة بشخصيات توافقية، وتعيين حكومة كفاءات لتحضير انتخابات رئاسية حرة ونزيهة يفرزها الصندوق بكل شفافية ، وإنشاء لجنة وطنية تقنية توافقية لصياغة الإطار القانوني للهيئة الوطنية المستقلة المكلفة بالتنظيم والإشراف على الانتخابات، ومطلب آخر جوهري أكد عليه المشاركون في توصياتهم يتمثل في محاسبة  كل المسؤولين المتورطين في الفساد خلال فترة حكم النظام السابق.

ردود ومواقف الأحزاب
ثمنت كل من الأحزاب المعارضة - رغم مقاطعة بعضها للمنتدى-  مسعى الحوار من خلال مشاركة العديد منها  والتي مثلت تيارات مختلفة، ومنظمات المجتمع المدني وممثلين عن الحراك الشعبي، ورؤساء منظمات وطنية ونقابات وممثلين عن الشباب، فقد أجمعوا جميعا على أن الحوار هو المسار الفعلي للخروج من الأزمة السياسية الحالية التي تشهدها الجزائر، وهو ماعبر عنه عبد القادر بن قرينة، رئيس حركة البناء الوطني، ، قائلا: إن احتضان مطالب الحراك الشعبي من طرف السلطة يشكل مكسبا لمشروع مجتمع رسمه بيان أول نوفمبر، مضيفا أن دور الجيش في الوقوف الى جانب الحراك الشعبي كان لتعبيد طريق المطالب بشكل رسمي، وإحداث القطيعة مع كل الممارسات الفاسدة التي عزلها الحراك الشعبي، وبناء جزائر جديدة بما يتماشي مع قناعات الشعب، والاستجابة لمطالب الحراك الشعبي الموضوعية والواقعية.

كما أكد بن بعيبش الطاهر رئيس حزب الفجر الجديد على الحوار الوطني واعتبره بمثابة منتدى حراك المثقفين.
وعلى الطرف الآخر صرح علي بن فليس، رئيس حزب طلائع الحريات، أن الوضع الحالي للبلاد يحتاج إلى حوار شامل ومعمق، وأن الخطاب يجب أن يكون ممنهج ووفق ما تحتاجه البلاد، تجسيدا لمطالب الحراك الشعبي، لإحداث القطيعة وإنشاء التغيير، الذي يعتبر مهمة الرئيس الجزائري المقبل الذي سينتخب بشفافية كاملة ومصداقية من طرف الشعب.

التأكيد على دور الجيش
حظي الجيش الوطني الشعبي بمساندة وثقة شعبية واسعة النطاق من أجل مساندة ومرافقة مطالب الحراك وإيصال البلاد إلى بر الأمان، وهو ما أكد عليه المشاركون في منتدى الحوار، أن الجيش مؤسسة دستورية تتمثل مهامها الدائمة في المحافظة على الاستقلال الوطني والدفاع عن السيادة الوطنية وعن وحدة البلاد،  كما أن دورالجيش الوطني الشعبي في  حل الأزمة الحالية يأتي من خلال حماية  المسار الديمقراطي، والدفاع عن سلمية الحراك، والوقوف ضد كل التهديدات الخارجية، والداخلية.
 

أهم المبادئ والتوصيات التي تضمنها بيان منتدى الحوار الوطني
✓ الشعب هو صاحب السيادة ومصدر جميع السلطات وفقا للمادة 07 و08 من الدستور.
✓ بيان أول نوفمبر 1954 هو المرجعية الموحدة في إقامة الدولة الجزائرية.
✓ الانتخابات القانونية الحرّة والنزيهة هي السبيل الوحيد للوصول إلى السلطة والتناوب عليها.
✓ نبذ كل أشكال العنف في الوصول إلى السلطة أو البقاء فيها.
✓ رفض كل أشكال الاستبداد والسلطة المطلقة.
✓ احترام الحقوق والحريات كما نصت عليها قوانين الجمهورية والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان.
✓ احترام التعددية الحزبية والنقابية وحرية العمل الجمعوي.
✓ حرية الإعلام العمومي والخاص وتكريس مبدأ الحق في الوصول إلى المعلومة.
✓ الجيش الوطني الشعبي مؤسسة دستورية تتمثل مهامها الدائمة في المحافظة على الاستقلال الوطني والدفاع عن السيادة الوطنية وعن وحدة البلاد، وسلامتها الترابية.
✓ تبني الحل في الإطار الدستوري الذي يجمع بين مقتضيات الدستور والحل السياسي واعتبارهما أمرين متلازمين.
✓ رفض أي تدخل أجنبي في شؤوننا الداخلية تحت أي شكل من الأشكال.
✓ الحوار السيد هو السبيل الوحيد لتجاوز الأزمة.
✓ تثمين الحراك الشعبي والاعتراف بشرعية مطالبه.
✓ استبعاد رموز النظام السياسي السابق التي يصر الحراك الشعبي على رحيلها.
✓  فتح الحقل السياسي والإعلامي والكف عن كل أنواع التضييق أو التقييد.
✓  الالتزام بمواصلة تأمين المسيرات والتظاهرات الشعبية السلمية، وعدم التضييق عليها.
✓ احترام مبادئ القضاء العادل وإجراءات التقاضي في المتابعات والتحقيقات.
✓  احترام الحقوق و الحريات الفردية والجماعية وصونها من كل أشكال التعسف والتجاوزات.
✓ احترام حرية التعبير ورفض كل أشكال التضييق عليها أو الاعتقال على أساسها.

أمام هذا المسعى لحل الأزمة السياسية في الجزائرلا تزال فئات من الشعب وبعض التيارات السياسية غير واثقة في جدية هذا الحوار بسبب تباين الآراء وغياب رؤية موحدة، وقيادة حقيقية تمثل الحراك الشعبي، وهو ما يفسره استمرار الحراك ورفع شعارات " يتنحاو قاع" ورفض بعض الوجوه التي شاركت في منتدى الحوار كونها تمثل رموز النظام القديم، ومنها حتى من دعى للعهدة الخامسة، لذلك يتوجب  تفعيل ما جاء في البيان وفتح الحوار للجميع من أجل ايجاد حلول واقتراحات جدية تضمن تجسيد حقيقي لمطالب الحراك الشعبي، وهذا أيضا يتطلب التزام شفاف من كل المشاركين و كل المخلصين في هذا الوطن.