هيئة الكائنات المعدلة وراثياً تتآمر على قرار المحكمة الأوروبية بشأن تعديل الجينات
بدأت هيئة الكائنات المعدلة وراثياً، بقيادة شركة "باير"، شركة "مونسانتو" وشركة "سينجنتا"، وآخرين بتطوير هجوم مضاد لمحاولة تحييد حكم محكمة العدل الأوروبية الغير متوقع في تموز، والذي ينص على أن النباتات المعدلة من خلال ما يسمى تعديل الجينات بتقنيات الحمض النووي، يجب أن تخضع لنفس إجراءات تقييم المخاطر مثل النباتات الأخرى المعدلة وراثياً. والحكم يمسك أمنياً بصناعة الكائنات المعدلة وراثياً. والآن يقومون بإعداد هجوم مضاد كما قد نتوقع من مطوري العامل البرتقالي أو السموم المشابهة.
في 25 تموز، وفي حكم نادر معارض لتوصية النائب العام للاتحاد الأوروبي، قال قضاة محكمة العدل الأوروبية أن منتجات تقنيات تعديل الجينات الجديدة تعتبر كائنات معدلة وراثياً ويتم تغطيتها من خلال لائحة الاتحاد الأوروبي الحالية. على عكس الولايات المتحدة حيث رفضت الحكومة، منذ وقت الرئيس بوش تنظيم نباتات الكائنات المعدلة وراثياً بحجة الزعم الزائف بأنها مكافئة جوهرياً للذُرة التقليدية، وفول الصويا أو غيرها من النباتات، ولكن الاتحاد الأوروبي لديه متطلبات صارمة قبل الترخيص، وحتى الآن محصول واحد فقط من الكائنات المعدلة وراثياً يتم زراعته، وهو نوع من الذرة الحاصل على براءة اختراع بشكل قانوني، وهذا فقط في اسبانيا.
وجه قرار محكمة الاتحاد الأوروبي ضربة مذهلة إلى صناعة "التكنولوجيا الحيوية" في الكائنات المعدلة وراثياً التي كانت تجادل بأن الكائنات المعرضة لتقنيات تعديل الجينات ليست كائنات معدلة وراثياً ولا تحتاج إلى رقابة تنظيمية خاصة. لقد خططوا لتسلل أشكال جديدة وخطيرة للغاية من التعديل الوراثي للنباتات من خلال الباب الخلفي. فقامت شركة " داو للكيماويات" بتقديم حوالي 50 طلب براءة اختراع دولية لتعديل الجينات والنباتات، تليها شركة "باير" و"مونسانتو" مع حوالي 30 طلباً. والآن تحت الحكم، يجب أولاً اختبار جميع المنتجات المحررة في الاتحاد الأوروبي بشكل كامل وتمييزها.
أثار قرار المحكمة الأوروبية هجوماً حاداً من وزير الزراعة الأمريكي "سوني بوردو". فأصدر "بوردو" بياناً رسمياً أعلن فيه: "ينبغي أن تشجع السياسات الحكومية الابتكار العلمي دون خلق حواجز لا داعي لها أو محاربة التكنولوجيات الجديدة دون مبرر. ولسوء الحظ، يشكل قرار محكمة العدل الأوروبية هذا الأسبوع انتكاسة في هذا الصدد، من حيث أنه ينظر بشكل ضيق في طرق تعديل الجينوم الجديدة لتكون ضمن نطاق قواعد الاتحاد الأوروبي التنازلية والقديمة التي تحكم الكائنات المعدلة وراثياً ".
في المملكة المتحدة، سلّمت مجموعة من 33 مركزاً صناعياً ومركزاً بحثياً بالإضافة إلى مزارعي الكائنات المعدلة وراثياً رسالة إلى وزارة الشؤون الغذائية والبيئة الريفية التابعة للحكومة البريطانية. تحتج الرسالة على حكم محكمة الاتحاد الأوروبي في تموز الذي يفرض خضوع أصناف نباتية محورة جينياً لنفس اختبارات المخاطر والترخيص مثل النباتات الأخرى المعدلة وراثياً. ويقولون: "نشعر بأن هناك أسئلة مهمة يجب معالجتها بشكل عاجل من قبل الحكومة إذا أرادت المملكة المتحدة الاحتفاظ بقدراتها في علم الوراثة النباتية، واستخدام الابتكار لتعزيز الإنتاجية والقدرة التنافسية، ومواجهة تحديات الصحة الغذائية وحماية البيئة".
ومن بين الموقعين شركة "باير / مونسانتو" التي هي اليوم أكبر حامل للبراءات المعدلة وراثياً في العالم وما يتصل بها من المواد الكيميائية الزراعية، والشركة الألمانية العملاقة للكيماويات الزراعية "باسف"، ومجلس التكنولوجيا الحيوية الزراعية في المملكة المتحدة، وهو واجهة لشركات الكائنات المعدلة وراثياً وأسسها مونسانتو وباير وآخرون. يجادل النداء المضلل الموجه إلى حكومة المملكة المتحدة، بأن التكاليف المرتبطة بإجراء تجارب ميدانية بموجب لوائح الكائنات المعدلة وراثياً مقيدة للغاية بالنسبة لمعاهد الأبحاث وكذلك لشركات التكنولوجيا الحيوية الصغيرة، مما يحذف الدور القيادي لشركة "باير" وغيرها من عمالقة الأعمال الزراعية. كما يجادلون بأنهم يرغبون في "استكشاف إمكانات تقديم حلول مبتكرة لمعالجة الجوع في العالم". ولكن لم يقم حتى الآن أي نبات معدّل وراثياً بمعالجة الجوع في العالم. فهذا ليس كل ما يدور حوله.
هل سيتغير قانون الاتحاد الأوروبي حول الكائنات المعدلة وراثياً؟
في حين أن قرار المحكمة الأوروبية بتفويض الأنواع المعدلة جينياً يتم التعامل معه بنفس النظام التنظيمي لأنواع الكائنات المعدلة وراثياً قبل أن يمكن بيعها في الاتحاد الأوروبي، فإن هذا يؤدي إلى ظهور صناعة تعديل الجينات المزدهرة، فهناك بالفعل مؤشرات على أن قوى تعديل الجينات تتشاور مع حلفاءهم في إطار مفوضية الاتحاد الأوروبي حول كيفية إعادة صياغة تشريع الاتحاد الأوروبي الخاص بالكائنات المعدلة وراثياً لإعفاء تعديل الجينات.
المحامون الذين يملكون شركة محاماة هولندية مستأجرين من قبل مجموعة تعديل الجينات التي تسمى "منصة التقنيات الجديدة"، صرحوا: "ما يمكن أن يحدث في مرحلة لاحقة هو أن صانعي السياسة يدركون العواقب الوخيمة للحكم أو تطوراته اللاحقة، وبالتالي يقررون تسهيل تقييم المخاطر للتقنيات الجديدة، مما يمكن من تعديل التوجيه 2001/18 لصالح الأطر الوطنية للتكنولوجيا". "بعد صدور قرار محكمة العدل الأوروبية، أصبح الأمر الآن متروكاً للصناعة لتقديم دليل سليم على أن بعض التقنيات الجديدة هي آمنة أو حتى أكثر أماناً من التقنيات التقليدية".
هل هي آمنة؟
سيسبب حكم المحكمة هذا تحدياً متزايداً حتى بالنسبة لشركة "باير" والشركات المتعددة الجنسيات التي اعتادت على الوصول إلى بروكسل. ويجري نشر المزيد من التقارير التي تفصّل المخاطر لما يسمى بتقنيات ونتائج تعديل الجينات الآمنة. تشير دراسة صدرت للتو من قبل الدكتورة "جانيت كوتر" من شركة Logos Environmental UK"" الاستشارية وFriends of the Earth US""، إلى وجود عيوب مزعجة في تطبيقات تقنيات تعديل الجينات بما في ذلك "عمليات الحذف الكبيرة وإعادة ترتيب الحمض النووي بالقرب من الموقع المستهدف التي لم يقصدها الباحثون. ووجدت دراسة أخرى أن الخلايا المعدلة وراثياً بتقنية "كريسبر"، وهي تقنية تعديل الجين الأكثر بروزاً في الوقت الحاضر، لديها القدرة على تشكيل ورم أو قد تبدأ طفرات سرطانية. ووجدت دراسة أخرى أن تعديل الجينات مع بعض أنواع فول الصويا كان له تأثيرات بعيدة عن الهدف، حيث حدث التعديل الجيني في مواقع غير مقصودة مع تسلسل الحمض النووي.
إن التعديل الجيني، الذي يجري على نطاق واسع في الأشهر الأخيرة من قبل أصدقاء مونسانتو مثل بيل غيتس والأعمال التجارية الزراعية العالمية، يتضمن تقنيات جديدة لتغيير المواد الوراثية للنباتات والحيوانات وحتى البكتيريا، باستخدام "مقص جزيئي" يستهدف جزءاً محدداً من الحمض النووي للكائن الحي ويستخدم في قطع هذا الحمض النووي. ويهدف تعديل الجينات، والذي يتم تمويله بكثافة من قبل "درابا" في البنتاغون، إلى فرض تعديل وراثي ينتشر بين جميع السكان، سواء من البعوض أو البشر، في غضون بضعة أجيال. العالم الذي اقترح لأول مرة تطوير محركات الجينات في مجال تعديل الجينات، عالم الأحياء في جامعة هارفارد، "كيفين إسفلت"، حذر علانية من أن تطوير تعديل الجينات بالتزامن مع تقنيات محرك الجينات لديه احتمالية مثيرة للقلق. ويشير إلى مدى تكرار تعطل نظام كريسبر وإمكانية حدوث طفرات، مما يجعل الجينات عدوانية. ويؤكد: "عدد قليل من الكائنات الحية المعدلة يمكن أن يغير النظام البيئي بشكل لا رجعة فيه".
تحث حوالي 170 منظمة مجتمع مدني من جميع أنحاء العالم على فرض حظر على تعديل الجينات، محذرة من أنها يمكن أن "تعزز الآثار بعيدة المدى والضارة إذا حدث أي آثار غير مقصودة". يؤكد تقرير "كوتر": "إذا تم تغيير كيمياء النبات أو الحيوان المعدل جينياً عن طريق قراءة خاطئ للحمض النووي، فإنه يمكن أن ينتج مركباً ساماً للحياة البرية التي تتغذى عليه". الفكرة هي أن شركات تعديل الجينات تقوم بتجاربها في الولايات المتحدة بشكل خاص، دون رقابة أو تنظيم حكومي.
إذا كان هناك عقلانية في حكم محكمة الاتحاد الأوروبي بشأن تنظيم الأنواع المحورة للجينات، عبر المحيط الأطلسي فإن نهج الحكومة الأمريكية لا يكاد يكون آمناً، ويتجاهل تماماً المبدأ التحوطي المطبق في الاتحاد الأوروبي. ينص المبدأ التحوطي على أنه "عندما يثير نشاط ما تهديدات على صحة الإنسان أو البيئة، يجب اتخاذ تدابير وقائية حتى إذا لم تكن بعض العلاقات بين السبب والنتيجة قائمة بشكل كامل علمياً".
وقد حكمت وزارة الزراعة الأمريكية مؤخراً بأن النباتات المحورة جينياً أو حتى الحيوانات هي نفس النباتات أو الحيوانات التقليدية ولا تحتاج إلى اختبارات سلامة خاصة، وهو قرار مجنون لوضعها بشكل معتدل. التكنولوجيا التي يتم استخدامها منذ عام 2012 هي ببساطة غير مجربة. والسؤال هو، لماذا هناك مثل هذا الاندفاع من قبل السلطات الأمريكية أو أشخاص مثل بيل غيتس لنشر هذا؟ هل يمكن أن يكون لها علاقة بعلم تحسين النسل؟