حربُ قيصر… حقائق ووقائع تاريخيّة ومعاصرة!
منذ العام 2011 بدأت الولايات المتحدة الأميركية فرض عقوباتٍ اقتصاديةٍ على حزب الله من خلال وضع بعض قياداته على قوائم الإرهاب إضافةً إلى بعض المحسوبين أو الداعمين والمقرّبين منه. وقد فعّلت الإدارات الأميركية من خلال مؤسّساتها التشريعية والتنفيذية منذ ذلك التاريخ العمل بتلك العقوبات وتطويرها ليشمل كلّ دول الممانعة التي عجزت فيها الولايات المتحدة عن تحقيق أيّ إنجازٍ أو تقـــدّم ميدانـــي بدءاً من حصارها لسنواتٍ طويلةٍ لإيران وقيادتها ثمّ الحصار والعدوان على اليمن وحصار الفلسطينيين في غزة، إضـــافةً إلى فرض حصارٍ اقتصادي على لبنان وســورية لا سيما في ظلّ إعلان قانون قيصر وتهديد العراق بالمزيد من العقــوبات في حال عدم الرضوخ لسياسات ترامب دون أن ننسى الحصار على فنزويلا.
كلّ ذلك يندرج ضمن محاولة إدارة ترامب قلب المشهد بعد تلقيها المزيد من الهزائم والفشل لمشاريعها التآمرية، هذا الفشل يحاول من خلاله البيت الأبيض التعويض عنه بفرض المزيد من الحصارات الاقتصادية التي تطال أفراداً وشركاتٍ ومؤسساتٍ مختلفةً ومصارفَ، وبذلك فإنّ واشنطن تمارس المزيد من الضغط في محاولةٍ من أجل تطويع وإنجاز الوعد التاريخي لنتنياهو في صفقة القرن قبل انتهاء ولايته وإجراء انتخابات أميركية يحتمل أن يكون فيها ترامب الخاسر الأكبر لا سيما في ظلّ سياساته الفاشلة في مواجهة جائحة كورونا وبعد مقتل المواطن الأميركي جورج فلويد الذي فجّر فتيل الاحتجاجات في الشارع الأميركي.
وبالرّغم من سياسات ترامب الفاشلة على المستوى الداخلي لم يعد أمامه المزيد من الحلول في ظلّ ارتفاع وتيرة غضب الشارع الأميركي تجاه تلك السياسات إلى جانب استغلال هذه الأزمات وتجييرها لصالح منافسيه في الانتخابات المقبلة أمر دفع ترامب للبحث عن إنجازٍ كبيرٍ يغطي فشله الذريع على المستوى الداخلي ويعيد لراعي السياسة العنصرية بريقه الذي قد يحققه بالمزيد من الحصار على سورية بقانون قيصر الذي يريد فرضه والالتزام به على حكومات لبنان والعراق، في التجربة التاريخية وعلى مدى أربعين سنة من الحصار على إيران الثورة لم تنجز الإدارات الأميركية المتعاقبة وحكّامها من الجمهوريين والديمقراطيين أيّ إنجاز ولم تحقّق أيّ هدفٍ من أهداف الحصار والعقوبات وعلى الأقلّ فشلت الولايات المتحدة في إيقاف البرنامج النووي الإيراني وإيقاف تطوير منظومات الصواريخ البالستية الإيرانية والصناعات العسكرية بشكلٍ عام وأصبحت إيران في طلائع القوى العسكرية العالمية التي استطاعت أن تضع حدّاً لتلك الغطرسة الأميركية في المنطقة.
وبالرّغم من الحصار الطويل والعقوبات المديدة استطاعت إيران تسجيل العديد من الانتصارات وإلحاق المزيد من الهزائم للولايات المتحدة وحلفائها من الكيانين السعودي والصهيوني وما استمرار فصائل المقاومة الفلسطينية في غزة والمقاومة في لبنان وهزائم داعش في سورية والعراق وصمود اليمن الأسطوري بعد أكثر من خمس سنوات على العدوان وكسر الحصار عن فنزويلا بإرسال ناقلة النفط الإيرانية فذلك ليس سوى دليل واقعي على هزيمة المشروع الأميركي في المنطقة يحمل الكثير من الأبعاد والرّسائل منها رسالة إيرانية تقول بعد حصار أربعين سنة أثبتت الولايات المتحدة فشلها الذريع وتراجع مشروعها وتضعضعه أمام صمود الإيرانيين وتنامي قدراتهم في شتّى المجالات، ورسالة يمنية خطّت بسواعد المقاومين والصامدين من أبناء الشعب اليمني الشريف تفيد أنه بعد عدوانٍ وحصار لأكثر من خمس سنوات بقيادة الولايات المتحدة الأميركية أنجز خلالها الجيش اليمني وأنصار الله تحرير مساحاتٍ كبيرةٍ وشاسعةٍ من الأراضي اليمنية محققين بذلك انتصاراً تاريخياً على أعتى تحالفٍ للشّر تقوده الولايات المتحدة وترسانتها العسكرية المتطورة.
أما الرسالة الأخيرة فهي رسالة سورية الأسد حصن المقاومة ودرعها الذي سيتـــهاوى عنده امبراطورية الشيطان الأكبر وقيصر الشياطين ترامب الذي يعتقد أنّه فرض المزيد من العقوبات من خلال قانون قيصر وسيُرضخ سورية، لكن الواقع التاريخي والمعاصر لسورية يقول إنّ ماضي السياسات الأميركية في المنطقة لم يضعفنا بل زادنا قوّةً وصلابةً وعزماً وأنّ ما تمارسه إدارة ترامب من ضغوطٍ لن يرهبنا بل سيزيدنا إصراراً على مواجهة ذلك الشـــيطان وحلفائه وأنّ ترامب بسياسته هذه يضع المنطقة على فوهة بركان لن تكون نتائجه دون تدمير من يقاتل من أجله وهو الكيان الصّهيوني فانتظر إنّا منتظرون.