حرب تجارية بين أمريكا وأوروبا تلوح في الأفق.. هل يشعلها ترامب
بعد تهديد دونالد ترامب بالتصدي للاتحاد الأوروبي بشأن ما يصفه بسياسته التجارية «غير العادلة تماماً» تجاه بلاده، حذر الاتحاد الأوروبي من أي إجراءات تقييدية لصادراته، لافتاً إلى أنه «مستعد للرد بسرعة وبشكل مناسب»،بحسب جريدة "الأخبار" اللبنانية.
ردّت المفوضية الأوروبية على تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، التي وصف فيها الاتحاد الأوروبي بأنه يعامل بلاده بشكل "غير منصف إطلاقاً" على المستوى التجاري، فيما حذرت المفوضية من أي إجراءات "حمائية" يمكن أن تتخذها الولايات المتحدة الأمريكية ضد منتجات أوروبا، مؤكدة الاستعداد للرد بسرعة تجاه أي قيود ضد الصادرات الأوروبية.
ووبحسب "الأخبار" قال الناطق باسم المفوض الأوروبي، مارغاريتيس شيناس، في المؤتمر الصحافي اليومي للمفوضية في بروكسل أمس، إن الاتحاد "مستعد للرد بسرعة وبشكل مناسب في حال تأثرت صادراته بإجراءات تقييدية من قبل الولايات المتحدة". وأضاف شيناس أنّ "السياسة التجارية ليست لعبة يكون فيها رابحون وخاسرون...نحن هنا في الاتحاد الأوروبي نؤمن بأن التجارة يمكن ويجب أن تكون مربحة للجميع"، مستدركاً: «نعتقد أيضاً أن التجارة يجب أن تكون مفتوحة ومنصفة وترتكز على قواعد».
وفي وقت سابق أمس، كانت مفوضة التجارة الأوروبية سيسيليا مالمستروم قد صرّحت بأن إدارة ترامب «تركت العالم متحيّراً بالانسحاب من الشؤون العالمية، وأعطت الاتحاد الأوروبى مجالاً أكبر للعمل»، كما لفتت إلى أن واشنطن «تنفصل عن الساحة العالمية»، وهو الأمر الذي يترك مكاناً مفتوحاً للاتحاد لإظهار «أننا يمكن أن نفعل اتفاقات تجارية جيدة».
وبالعودة إلى تصريحات شيناس أمس، فإنه رأى أنّ «الاتحاد الأوروبي ملتزم بالنظام الاقتصادي المتعدد الأطراف القائم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وتدعمه منظمة التجارة العالمية»، مضيفاً أن «التجارة يجب أن تكون مربحة للجانبين... وفي حين يجب أن تكون التجارة مفتوحة ونزيهة، بالتالي يجب أن تكون قائمة على القواعد».
وكان ترامب قد قال أول من أمس، في مقابلة متلفزة على قناة «آي. تي. في.» البريطانية، إنَّه يرى أن الاتحاد الأوروبي يعامل بلاده بشكل «غير منصف إطلاقاً» على المستوى التجاري، وأشار إلى «إمكانية اتخاذ إجراءات مماثلة»، لافتاً إلى أنه يعتقد بأنّ الأمور لن تنتهي لمصلحة الاتحاد.
كذلك أشار الرئيس الأميركي إلى الصعوبة التي تواجهها الولايات المتحدة في تصريف منتجاتها في الاتحاد الأوروبي، في ظل تصدير بروكسل منتجاتها «من دون رسوم ضريبية» أو مع «رسوم ضريبية منخفضة» إلى واشنطن، الأمر الذي اعتبره ترامب «غير منصف». وتابع قائلاً، في المقابلة التي كانت قد أُجريت على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس: «لدي الكثير من المشاكل مع الاتحاد الاوروبي، وقد تتحول إلى مسألة كبيرة من وجهة النظر التجارية».
في هذا السياق، نشرت صحيفة «فايننشال تايمز» مقالاً قالت فيه إن «الكثير من الدول التي لديها مخاوف متعلقة بموقف إدارة ترامب من التجارة، تريد الآن إبرام اتفاقيات تجارية مع الاتحاد الأوروبي». ورأت الصحيفة أن «اتجاه الولايات المتحدة لمنع تعيين قضاة في محكمة الاستئناف التابعة لمنظمة التجارة العالمية، سيدفع ثمنه النظام التجاري العالمي كله».
ويَتّهم ترامب الذي شدد في برنامجه الانتخابي على «الشعارات الحمائية» والدعوات إلى «حماية العمال والمؤسسات الأميركية»، بمواصلة دول، من بينها الصين، اتباع ممارسات تجارية غير عادلة. وفي أوروبا، تواجه ترامب مع ألمانيا التي يعتبر فائضها التجاري إزاء بلاده مفرطاً، وهدّد خصوصاً بفرض رسوم جمركية للحد من عدم التوازن.
وكانت الإدارة الأميركية قد فرضت الأسبوع الماضي «رسوماً حمائية» على ألواح الطاقة الشمسية المستوردة من الصين وأيضاً الغسالات الكبيرة المصنّعة في هذا البلد وفي كوريا الجنوبية والمكسيك وتايلاند وفيتنام.
وبشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست)، قال ترامب إنه كان سيُبدي موقفاً «أكثر حزماً» من رئيسة الحكومة البريطانية، تيريزا ماي، في المفاوضات مع بروكسل. وعند سؤاله عما إذا كان يرى أن ماي في «موقع جيّد» في هذه المفاوضات، أجاب: «ما كنتُ تفاوضتُ بهذه الطريقة». وأضاف: «كنت سأعتمد موقفاً مختلفاً... وأقول إن أداء الاتحاد وضعه ليس بالمستوى المفترض، وكنت سأتبنى موقفا أكثر تشدداً حول الانسحاب» من التكتل.
يُذكر أن الرئيس الأميركي كان قد اعتبر قبل نحو عام أنّ بريطانيا «محقة تماماً» في الخروج من الاتحاد الذي تسيطر عليه ألمانيا برأيه، موضحاً أن «البريكست» سيحقق «نجاحاً»، وأن التكتل الأوروبي سيواصل التفكك. وفي هذا السياق، أكد ترامب خلال المقابلة أنّ بلاده ستصبح «الشريك التجاري الكبير» لبريطانيا بعد المرحلة الانتقالية التي تستمر نحو عامين، إثر خروج لندن من الاتحاد الأوروبي.