حرب عالمية ثالثة في الأفق أم مجرد محاولات يائسة من واشنطن لإثارة المشاكل ؟
خلال الأشهر القليلة الماضية، كان هناك تقارير تتحدث عن صراع عالمي محتمل بين واشنطن وحلفائها في الغرب من جهة، وروسيا وحلفائها في الشرق من جهة أخرى.
النزاع في بحر الصين الجنوبي أضر بشدة بعلاقات واشنطن مع جمهورية الصين الشعبية. بعد أن أصدرت المحكمة الدائمة للتحكيم في لاهاي حكما بأن مطالب الصين في بحر الصين الجنوبي وأنشطة استصلاح الأراضي في الجزر المتنازع عليها غير صالحة وغير مشروعة، فقد شمرت واشنطن مرة أخرى عن عضلاتها وهي تستعد للإبحار في المنطقة تحت ما يسمى ب "حرية مبدأ الانتقال" (الفون).
لقد أغضب هذا الحكم الصينيين، فقال وزير الدفاع الصيني الجنرال تشانغ وان تشيوان في أغسطس لمواطني بلادهإأنه يجب عليهم التحضير لما وصفه بالحرب الشعبية في البحر. كان وان تشيوان يشير مباشرة لاستفزاز واشنطن المخطط بحجة "حرية مبدأ الانتقال" الفون. وتعهدت الصين أن تتخذ جميع التدابير الضرورية لحماية سيادتها على بحر الصين الجنوبي، وكشفت أن لها الحق في اقامة منطقة الدفاع الجوي في البحر.
كما قامت الصين بتحديد المواقع واختبار أسلحتها النووية والتخطيط لتدريبات عسكرية مع روسيا في مياهها. حتى أن واشنطن أكدت أن الصين اختبرت صواريخ باليستية عابرة للقارات القادرة على الوصول إلى أي مكان في العالم في غضون 30 دقيقة.
إذا ابتعدنا عن بحر الصين الجنوبي ووصلنا إلى الدولة المنكوبة سوريا. فإنه ليس سرا أن الحرب المفروضة على سوريا (أنا أرفض استخدام تعبير الحرب الأهلية السورية) هي حرب بالوكالة بين واشنطن وروسيا. ولو أن روسيا تدخلت فعليا بناء على طلب من الحكومة السورية. واشنطن غير قادرة على الحصول على أية دعوة، فقد قامت علنا وسرا بتسليح العديد من "الجماعات المتمردة" في البلاد مع وجود خطط مفتوحة للإطاحة بالحكومة السورية. فتذكروا ما تسميه واشنطن "بالمتمردين" أو بشكل أسوأ "بالمعارضة المعتدلة" وهم ليسوا أكثر من وحوش تمولهم الدول الراعية للإرهاب
بطبيعة الحال، منذ تكرمت روسيا بتلبية دعوة الحكومة السورية في العام الماضي، تحولت الحرب لصالح الحكومة السورية، والتي كانت قريبة من السقوط قبل تدخل روسيا.
ونحن نتكلم الآن عن التوتر المتصاعد باستمرار بين واشنطن وموسكو. شد الأعصاب في أعلى مستوياته منذ حقبة الحرب الباردة. في واشنطن، في هذه اللحظة، يجلسون، كما يقال، على احر من الجمر، والعديد من المسؤولين في إدارة أوباما مصابون بالإحباط بشأن الوضع في سوريا.
في لفتة متغطرسة من جانب واحد ، أعلنت واشنطن أنها قد انهت كافة الاتصالات مع روسيا حول سوريا. وتزامن هذا الإعلان مع بدء روسيا تكثيف عملياتها العسكرية في سوريا في 22 سبتمبر، مع نوايا استرداد مدينة حلب من قبل الحكومة السورية وهزيمة الناتو الذي يدعم داعش والنصرة المتوحشين مرة واحدة. وقد انهارت الجهود الدبلوماسية لوضع حد للقتال في سوريا.
ومع استمرار عملية حلب، أبلغت روسيا الولايات المتحدة تحذيرا شديد اللهجة بعدم اتخاذ أي إجراء ضد القوات الحكومية السورية. في الواقع، هناك العديد من الطائرات المقاتلة الروسية المتمركزة في سوريا، وعلى استعداد لإسقاط أية طائرة مقاتلة لحلف شمال الاطلسي الذي يحاول ضرب القوات الحكومية السورية.
هذه التطورات من موسكو أكدت أنها لن تتراجع بسهولة مع واشنطن. ويقال إن وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري قد حث الرئيس باراك أوباما على التدخل ومواجهة العواقب مع روسيا. ويقال انه قد يفضل حتى الرادع النووي ضد روسيا. هذا هو الجنون المحض.