هل ستكون سوريا بداية نهاية أردوغان؟
إن الهلع الذي ينتاب الرئيس التركي أردوغان على كافة المستويات الداخلية والإقليمية والعالمية، ونفور المجتمع الدولي المتصاعد من سياساته، بعد أن تكشف للعالم أجمع تحالفه مع تنظيم "داعش" الإرهابي وأخواته الذي يمثل رأس الحربة التي يستخدمها أردوغان لتخريب وتقسيم المنطقة بأكملها، ويتضح ذلك سواء في محاولته المستمرة لهدم سورية وتفتيتها، وإمداده للمجموعات المسلحة بكافة فصائلها بمختلف الأسلحة، ولأن سوريا مختلفة عن دول العالم وتميزها بجيش قوي يقف بحزم ضد جميع المؤامرات التي تحاك ضد سورية، يتجه هذا المشروع إلى الفشل.
في ساحات القتال، يتقدم الجيش السوري وحلفاؤه، بشكل مثير للإعجاب خاصة في الشمال السوري، و تتأهب خطوط التماس هناك وتترقب اندلاع اشتباك مسلح بات وشيكا، يرجح أن يكون الأعنف من نوعه، بعد أن حشد الجيش السوري قواته في مواجهة القوات التركية الأمر الذي يعد تحولا نوعيا هاما في ديناميات الحرب السورية خاصة بعد أن حرر الجيش السوري أم شعيفة بريف رأس العين شمال شرق سوريا.
في الاتجاه الآخر وبحسب المحللين أن عملية "نبع السلام" قد فشلت وأن الرئيس التركي لم يحقق إنجازا لبلاده بتدخله العسكري في شمال سوريا، وفي المقابل، فقد حصل الأمريكيون والروس على ما يريدونه مباشرة ، فالأميركيون حصلوا على وقف فوري لإطلاق النار والروس حصلوا على انتشار فوري للجيش السوري في المناطق التي بقيت خارج السيطرة السورية لسنوات طويلة حيث لم تحصل تركيا سوى على "كلام على الورق" اعترف قادتها اليوم بأن الوعود الأميركية والروسية لم تنفذ على أرض الواقع.
عندما نتابع الأحداث في سوريا وبرؤية تحليلية فأننا نكاد نجزم إن تركية على حافة الهاوية وذلك لتدخلها في أكثر من بلد عربي لتحافظ على هيمنتها ونفوذها بالمنطقة في حلبة صراع مع سوريا وحلفائها، هذه السياسة المتبعة من قبل تركيا جعلتها تخسر الكثير من قواها إقتصاديا وأصبح شعبها يعيش ظروف صعبة، وهو بانتظار شرارة ليثور وينتفض بوجه سياستها في التدخل بشؤون المنطقة على حساب منفعة ومصلحة الشعب ورفاهيته، فتركيا التي يبني الكثير من الحالمين طموحاتهم وآمالهم عليها باتت قريبة من الوقوع بالهاوية، لذلك نحن على أعتاب متابعة مشهد جديد في المنطقة خصوصا بعد حملة تحرير واسعة في الشمال السوري.
في سياق متصل وجه الرئيس الأسد في خطاباته ولقاءاته رسائل قوية تحمل في مضمونها الكثير من الدلائل تثبت قدرة السوريين على رسم ملامح المستقبل القادم وفق تصوراتهم٬ وعزمهم على مواجهة تركيا التي تؤجج الصراعات في المنطقة.
في هذا الإطار رأى سياسيون أن الحرب التركية على سورية فشلت في تحقيق أهدافها وقالوا خلال شهادات أدلوا بها لوسائل الإعلام إن الانتصار الحقيقي الذي حققته تركيا هو ذلك الانتصار المتعلق بمساحة الجريمة التي اقترفتها ضد المدنيين والبنية التحتية بينما لم تنجح في تحقيق الهدف الاستراتيجي الكبير وهو كسر شوكة السوريين ومعنوياتهم وإجبارهم على رفع الرايات البيض.
في إطار ذلك يمكن تقييم نجاحات الجيش السوري، من خلال معيار القدرة على فرض قواعد السيادة السورية، حيث بات الجيش السوري المُسيطر الأكبر على كافة الأراضي بعد أن كانت تحت سيطرة المجموعات المتطرفة، خصوصاً بعد إسقاط معادلات أردغان في الشمال، ومنعه إنشاء منطقة عازلة تُهدد السيادة السورية، وبذلك لم يعد الحديث عن مستقبل السياسة التركية في المنطقة، بل بات الأمر يتعلق بكيفية خروج أنقرة من مأزقها في سورية. بذلك حرقت أنقرة سفنها مع دمشق تماماً، ولقد سبق وأن أكدت في هذه الجهة، بأن الدبلوماسية التركية أطلقت النار على أقدامها، لذلك لا بد لتركيا بدلاً من اللعب بكرة النار التي قد تحرق أصابعها قبل غيرها، أن تبتعد عن لغة التهديد والوعيد وشن الهجمات، وأن تجنح إلى لغة العقل والمنطق والسلام التي تدعوا إليها الحكومة السورية باستمرار.
مجملاً... لقد نجح الجيش السوري في فرض نفسه بشكل أكبر في الميدان، وأن الإنجازات العسكرية الهامة التي تحققت في الأيام الأخيرة في الشمال كفيلة بإقناع تركية وأعوانها إن خطتهم الخبيثة لن تمر ولن تمس وحدة سورية وسيادتها ولن يكون لها فيها قواعد عسكرية وهو ما أسقط كافة مشاريع أنقرة في التقسيم، خصوصاً بعد أن استطاعت سورية إزالة أوراق العديد من الأطراف، الساعية لفرض دويلات في الداخل السوري.
وباختصار شديد يمكنني القول، أن الرئيس اردوغان هُزم وانكسر خائباً في سورية.