هل بدأت معركة التّنف؟

07.08.2018

الجريمة المروّعة التي ارتكبها تنظيم داعش في السويداء ما كان لها أن تمرّ من دون موافقة وحتى مساعدة الولايات المتحدة، لأنّ إرهابيّي داعش انطلقوا من المنطقة التي اعتبرتها الولايات المتحدة، من طرف واحد، بأنها منطقة خفض تصعيد، وحالت دون ملاحقة القوات السورية لإرهابيّي داعش في هذه المنطقة كي لا يحدث صدام مباشر مع القوات الأميركية لم يحن وقته وليس في أولويات الجيش السوري وحلفائه في هذه اللحظة.

ولكن هذا العدوان الإجرامي، وتحرير المنطقة الجنوبية بكاملها أسقط مبرّرات القوات الأميركية للبقاء في منطقة التّنف. فالدولة السورية مدعومة من روسيا لا تقبل تحت أيّ ظرف كان استمرار التهديد الذي تمثله داعش من خلال احتمائها بالقوات الأميركية في محيط منطقة التّنف.

وما أعلنته رئاسة الأركان الروسية من أنّ موسكو ودمشق أبلغتا القوات الأميركية بالإجراءات التي ستتخذها سورية وروسيا، يعني أنّ الوقت قد حان لإخراج إرهابيّي داعش الذين توفر لهم القوات الأميركية في التّنف الملاذ الآمن. وفي هذا السياق يأتي الحديث والتقارير عن حشد الجيش السوري لقوات كبيرة في الريف الشرقي لمحافظة السويداء تمهيداً لتطهير المنطقة بشكل كامل من إرهابيّي داعش.

في ضوء إعلان الأركان الروسية وفي ضوء حشود الجيش السوري في المنطقة، يمكن الاستنتاج أنّ معركة تحرير منطقة التّنف سوف تنطلق خلال أيام قليلة، بل هي انطلقت، وهناك سيناريوان متوقعان على هذا الصعيد في ضوء إبلاغ موسكو واشنطن عن هذه العملية.

السيناريو الأول، أن تقوم القوات الأميركية بتفكيك قاعدة التّنف قبل اقتراب العملية العسكرية من موقع القاعدة، والانتقال إما إلى الأردن، أو إلى مناطق الرقة، أو بقاء القوات الأميركية في مواقعها، ولكن دون اعتراض ما تقوم به القوات السورية لتطهير المنطقة من الإرهابيين، وهذا هو السيناريو الثاني، أيّ التصرف كما تصرفت القوات «الإسرائيلية» عند اقتراب القوات السورية من خط وقف إطلاق النار في الجولان المحتلّ.

أما احتمال استمرار توفير القوات الأميركية الملاذ الآمن لقوات داعش وعرقلة عملية تقدّم الجيش السوري في المنطقة فدونه مواجهة مباشرة مع سورية وحلفائها في منطقة لا تتوفر للقوات الأميركية أيّ مزايا، لا سيما أنّ هذه القوات شبه محاصرة في هذه البادية، وليست منطقة التّنف أكثر أهمية من المنطقة الجنوبية بالحسابات الأميركية و«الإسرائيلية». والأرجح أنّ إعلان الأركان الروسية جاء بمثابة تأكيد على أنّ الولايات المتحدة قد لا تعمد إلى عرقلة هذه العملية وإلا تحمّلت مسؤولية مباشرة في دعم داعش وفي المشاركة بالمجازر التي ارتكبها ضدّ سكان محافظة السويداء.