دونالد ترامب.. ومهمة تجفيف المستنقع
أصبح وصف المستنقع اسما جديدا لطائفة العولمة، مهرة المجتمع المنفتح، مهووسون مثليون، جيش سوروس، وما بعد الإنسانيون وغير ذلك. تجفيف المستنقع ليس فقط أولوية حتمية أميركية. بل هو تحدي عالمي لنا جميعا. فجميع البشر الآن يخضعون لقوة المستنقع الخاص بهم. علينا جميعا متحدين أن نبدأ القتال ضد المستنقع الروسي، والمستنقع الفرنسي، والمستنقع الألماني، وهلم جرا. نحن بحاجة إلى تطهير مجتمعاتنا من تأثير المستنقع. لذلك وبدلا من القتال فيما بيننا، دعونا نجفف هذه المستنقعات سوية. وفي عملية التجفيف هذه، يجب أن يتحد جميع العاملين.
النقطة الأخرى: انتهى العداء لأميركا. ليس بسبب أنه كان خطأ، بل لأنه كان على النقيض تماما: لأن الشعب الأميركي بدأ بنفسه ثورة، وتحديدا ضد ذلك الجانب من أميركا الذي نكرهه جميعا. والآن لا يمكن أن نلقي اللوم على النخبة الأوروبية الحاكمة إضافة إلى قسم من النخبة الروسية (والتي لا تزال ليبرالية) كما كنا في السابق، كونها مناصرة جدا للأمركة. يجب إلقاء اللوم من الآن وصاعدا لكونها ما هي عليه: جماعة منحرفة فاسدة وجشعة من لصوص ومدمري الثقافات والتقاليد والهويات الوطنية. لذلك دعونا نجفف المستنقع الأوروبي. يكفي هولاند، ميركل، بروكسل. أوروبا للأوروبيين. أما سوروس ومن سار على دربه فيجب محاكمتهم علنا.
أصبح المستنقع من الآن فصاعدا ظاهرة خارج حدود التشريع، تماما مثل شبكة الإرهاب الدولي. المستنقع في كل مكان وليس في أي مكان. كان مركز المستنقع أمس متوضعا في الولايات المتحدة واليوم لم يعد كذلك. اليوم الفرصة متاحة لنا جميعا للبدء باصطيادهم. لم يعد المستنقع له شكل ثابت على المستوى الإقليمي. ولكنه موجود على أي حال ومازال على جانب كبير من القوة. ولكن أصبحت طبيعته اللا وطنية الآن واضحة. لم يعد المستنقع الآن يختبئ خلف أميركا. لقد ذهب إلى المنفى. أين؟ إلى كندا؟ إلى أوروبا؟ إلى أوكرانيا؟ إلى كوكب آخر حيث الممثلين والممثلات المخدرين وعدوا بالهجرة في حال نجاح ترامب. أصبح الوقت الآن مناسبا للوفاء بهذا الوعد. يبدو الأمر أشبه بنشوة العولمة. يتم امتصاصهم اليوم في أوتوبيا اللافضاء. في أرض أوتوبيا الليبرالية حيث أرض اللاأحد. ونحن شهود على تحلل المستنقع الذي أوجدته نخبة العولمة لحكومة العالم.
تركيبة المستنقع
قبل كل شيء هي أيديولوحيا – ليبرالية. ونحن بحاجة إلى محاكمة نورنبيرخ لليبرالية: آخر أيديولوجيا استبدادية سياسية في العصر الحديث. دعونا نغلق هذه الصفحة من التاريخ.
ثانيا: المستنقع هو ثقافة خاصة لما بعد الحداثة. يرتكز على تحلل أي كيان بفعل التكنولوجيا الرقمية وغيرها. وتجفيفه يدل على استعادة وحدة الفن الأبولوني. يجب أن يعود الفن إلى الشمولية.
ثالثا: الرأسمالية العالمية العابرة للحدود هي المحرك المادي للمستنقع. إنه الائتمان ونظام الاحتياطي الفيدرالي للبنوك، ما يصنع فواتير خضراء مسمومة. نحن بحاجة إلى وضع حد لكل هذا والعودة إلى القطاع الحقيقي والمقاربة التجارية.
سأقترح إعادة اكتشاف أفكار بيتريم سوروكين. لقد رأى ديناميكة اجتماعية للتاريخ باعتباره سلسلة من النماذج الاجتماعية: الفكرية، المثالية والمدركة بالحواس. النموذج الفكري هو الهيمنة المطلقة للروح والمادة، والقهر العنيف من العالم المادي للطموح الروحي والديني. النموذج المثالي متوازن ويقوم على التعايش المتناغم للروح والمادة حيث الجزء الروحي هو المهيمن قليلا ولكن ليس حصريا (كما في النموذج الفكري). النموذج المدرك بالحواس (الحسي) للمجتمع هو هيمنة المادة والجسد على الروح. إن النموذج الحسي للمجتمع هو المستنقع. ومؤخرا بدا أن "الحسي" وأمريكا" مترادفان". بعد انتصار ترامب أصبح كل شيء مختلفا. فالآن أصبح الحسي عالمي وسابق التمحور. هناك نوع من "نقل الامبراطورية" - إلى اللا مكان أو أي مكان.
لكن سوروكين أكد أن الطبيعة الدورية للمجتمع تتطلب فقط هذا التعاقب: فكري-مثالي-مدرك بالحواس (حسي). وبما أنه لا يمكن للمثالية أن تعقب المدرك بالحواس، فلا يوجد أي تطور محتمل من مستنقع إلى شبه مستنقع. بعد المستنقع تأتي الشمس والنار، والروح. والروح بشكلها الأساسي التصوري. لذلك نحتاج لتجفيف المستنقع إلى لهب الشمس. وينبغي أن يكون اللهب غزيرا.
المستنقع والنار هما عنصران متعاكسان يتوزعان من خلال الأرض. تتحول الجغرافيا السياسية الآن لتصبح عمودية. إن معنى المكان الآن هو زخم عملية تجفيف المستنقع. أين؟ هنا والآن. المستنقع لم يعد بعد الآن خاضعا للهيمنة الأمريكية - رئيس أمريكا يرفض هذه الهيمنة. لذلك هي الهيمنة "المحكمة بالإشادة المفرطة"، والهيمنة على هذا النحو، مع فراغ بحت في المركز لما بعد الحداثة.
الولايات المتحدة الأمريكية هي الغرب الأقصى من العالم. إنها فضاء منتصف الليل. وهناك يتم الوصول إلى النقطة النهائية من السقوط. وكذلك لحظة تغيير القطبين. وتحول الغرب إلى الشرق. بوتين وترامب في زاويتين متعاكستين من الكرة الأرضية. في القرن العشرين كان هذان النقيضان أكثر أشكال تطرف الحداثة - الرأسمالية والشيوعية. اثنين من الوحوش الغامضة - الطاغوت وبهيموث. والآن انقلبا إلى اثنين من الوعود الآخروية: بوتين روسيا العظمى وأمريكا في حالة تحرير من قبل ترامب. وقد بدأ القرن الحادي والعشرين أخيرا.
لذلك ، فكل ما نحتاجه هو اللهب والنار.