إدلب تشتعل وأردوغان يتوعد... ماذا بعد ؟
يشكل ملف الشمال السوري نقطة اشتباك دولية وإقليمية تتشارك فيها قوى متعددة وخاصة تركيا، التي دفعت بكل قوتها في تلك المنطقة لتحقيق نصر وإعادة إنتاج " شمال قبرص جديد"، ليكون تحت سيطرتها تبعاً للمنطق العثماني المحتل .
تتجلى أهمية محافظة إدلب كونها الورقة الأخيرة بيد تركيا، كخيار ضاغط في أية محادثات تعقد بدءاً من سوتشي وآستانة، حيث يعمل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لتحقيق مكاسب تعزز من نفوذه الداخلي في ظل عدم استقرار لديه وفي محاولة لتكريس نفسه "كسلطان عثماني جديد" لإمبراطوريته المزعومة .
عملية الجيش العربي السوري في إدلب شكلّت خطوة استراتيجية في طريق التحرير الكامل للأراضي السورية. المُواجهة العسكريّة المُباشرة التي حصلت هي الأولى بين الجيشين السوري والتركي مُنذ بداية الحرب على سوريّة مُنذ تسعة أعوام، ممّا يعني احتمالية وجود مواجهات أوسع نِطاقًا. فشل الاجتماع بين الوفد العسكريّ الروسيّ ونظيره التركيّ في التوصّل إلى اتّفاق يُخفّف من حدّة التوتّر في ريف إدلب عكس مدى جدية تحرير جميع المناطق في إدلب وانهيار المباحثات بين الجانبين، كما أبدت مدى استياء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من عدم جدية أنقرة في التزامتها.
تحرير الجيش العربي السوري لأكثر من 140 قرية في ريفي إدلب وحلب خلال أكثر من 15 يوماً، يعكس التأييد الروسي للموقف السوري ودعمه، كما أن قصف النقاط التركية ليس محض صدفة بل ناجم عن تنسيق عالي المستوى بين الجانبين الروسي السوري.
الخلاف الروسي- التركي عكسه حجم الهيستيريا التركية الناتجة عن سقوط الإرهابيين وأبرز معاقلهم خلال فترات وجيزة، كما أن تأزّم أردوغان الداخلي ازداد بعد تورطه في ليبيا وهذا ما أكدّته وسائل إعلامية تركية عديدة والتوعد بالعمليات العسكرية لاتعدو كونها خلّبية إعلامية، كما أن نأي الناتو بنفسه خلال اجتماعه الأخير في بروكسل (والاكتفاء بالوعود الشفهية) عبّر عن حجم الأزمة مع الاتحاد الأوروبي و(التخلي عنه) وتوريط الولايات المتحدة لأنقرة في الشمال السوري.
الجيش العربي السوري يدافع عن أرضه، والوجود التركي وجود غير مشروع يقتضي الانسحاب المباشر و الخضوع لجميع أنواع المقاومة بما فيها استهداف الجيش السوري للأتراك ومجموعاتهم الإرهابية، فادلب والشمال سيُحرر بكامله وهذا قرار سيادي غير قابل للنقاش.