بيان دول مقاطعة قطر: كلام في كلام

02.08.2017

الاجتماع الذي عقد في البحرين وضمّ وزراء خارجية دول مقاطعة قطر لم يختلف بيانه عن البيان الذي صدر عن هذه الدول في أعقاب اجتماع القاهرة.

عشية كلا الاجتماعين، ولا سيما الأول في القاهرة سادت توقعات توحي باحتمال اتخاذ المزيد من القرارات التي تحكم الحصار على قطر، بل ذهب البعض بعيداً عندما توقع احتمال القيام بعمل عسكري ضدّ قطر، ولعلّ هذا هو الذي دفع الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الاتصال بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والطلب إليه إعطاء فرصة للاتصالات السياسية للوصول إلى تسوية للأزمة، وهو الذي دفع كلّ من تركيا وقطر إلى تسريع وصول القوات التركية لردع أيّ سعي للقيام بأعمال عسكرية قد تقود إلى عواقب وخيمة.

أيضاً عشية اجتماع البحرين سادت توقعات بتصعيد المواجهة مع قطر، صحيح أنّ التوقع بأيّ عمل عسكري غاب هذه المرة عن توقعات جميع المتابعين للأزمة الخليجية، ولكن على الأقلّ كانت هناك توقعات بتصعيد إجراءات ما دون الإجراء العسكري، ولكن ما حصل إنه صدر بيان لا يختلف عن بيان القاهرة، فلماذا باتت اجتماعات دول مقاطعة قطر اجتماعات عقيمة وتعيد تكرار ذاتها؟

واضح أنّ الموقف الأميركي الذي يرفض أيّ تصعيد جديد ضدّ قطر ويدعو إلى حلّ الأزمة عن طريق الحوار، هو العامل الحاسم الذي يفرض على دول المقاطعة سلوك خيارهم الحالي الذي يكتفي بمطالبة قطر الالتزام بمواقف معينة من دون أن تكون هذه المطالبة مصحوبة بالتهديد باللجوء إلى إجراءات أكثر صرامة لحمل قطر على الالتزام بما تطالب به دول المقاطعة الأربعة.

ليس هذا وحده الذي يفسّر اقتصار قرارات دول المقاطعة على الكلام أيّ الموقف الأميركي على أهميته، لكن هناك عامل آخر، ويتلخص هذا العامل في واقع أنّ دول المقاطعة اتخذت جميع الإجراءات والعقوبات ضدّ قطر، الأدنى من سقف المواجهة العسكرية، دفعة واحدة، ولم تترك لها هامشاً لتلجأ إليه أثناء تهديد قطر بالتصعيد إذا لم تمتثل.

طالما أنّ الخيار العسكري ممنوع من قبل الولايات المتحدة وعوامل أخرى، فإنّ أيّ عقوبات أكثر قوة غير ممكنة، فالحصار البري والجوي قائم، والمقاطعة الشاملة تلتزم بها الدول الأربع، وقطع العلاقات الدبلوماسية قد اتخذه.

كان يجب أن تتدرّج حكومات دول المقاطعة في معاقبة قطر، ولكن ذلك لم يحدث، وقد يكون في حساباتها السابقة ذروة أخرى هي العمل العسكري، ولكن ورود مثل هذه الحسابات يعتبر خطأ جسيماً في تقدير الموقف ليس إزاء قطر ذاتها، بل إزاء منطقة بالغة الحساسية.