"بوكيمون غو".. شياطين السي آي أيه والبنتاغون الإلكترونية

24.11.2016

منذ وقت ليس ببعيد، أعلن القس الأمريكي ريك وايلز عن اشتباهه بأن "بوكيمون غو" تساعد إرهابيي تنظيم "الدولة الإسلامية"، على افتراض أن لعبة البوكيمون يمكن استخدامها لأهداف معادية للمسيحيين. وقال القس "هذه المخلوقات شياطين إفتراضية إلكترونية".

ورغم غرابة تصريحات القس، إلا أنها لم تبتعد كثيرا عن الحقيقة. أولا، بعض الشخصيات في هذه اللعبة، في الواقع، هي نوع من المخلوقات الشريرة. ثانيا، الإنغماس في لعبة بوكيمون يثير عددا من المشاكل المجتمعية، والتي تعرف في التقاليد الأرثوذكسية باسم الخطايا. كما أنه قد تم نشر فتوى خاص تساوي البوكيمون بلعب القمار، وبالتالي يحظر استخدامها في بعض البلدان الإسلامية. ثالثا، هذه اللعبة البريئة للوهلة الأولى، يمكن استخدامها فعليا كسلاح. إن لم يكن الآن، ففي وقت لاحق، بعد تصميم برامج التحديث المناسبة في مختبرات وزارة الدفاع الأمريكية.

يذكر أن تطبيق شركة نينتندو، الذي يعمل على أنظمة التشغيل أندرويد، وأيوس، يعرض على المستخدم إمكانية إيجاد وترويض كائنات خيالية "تظهر" في العالم الحقيقي. هدف اللعبة، هو العثور على البوكيمون، وتدريبه، وعقد مصارعات مع بوكيمون اللاعبين الآخرين.

ولا يقف ضد هذه اللعبة ممثلو الديانات التقليدية فقط، فعلى سبيل المثال، انتقد متحف الهولوكوست في واشنطن، بحث الزوار في قاعات المتحف بمساعدة كاميرا الهاتف الذكي عن البوكيمون.

حتى أن وزارة الدفاع الأمريكية، أصدرت تعليمات خاصة للعسكريين، مكرسة لقضية "اصطياد البوكيمون الآمن".

ومن المنطقي تماما أن الصور التي يتم إلتقاطها أثناء مطاردة البوكيمون، قد تحتوي على معلومات يجب أن تبقى سرية. وهذا ينطبق على المباني الحكومية، وأرقام السيارات، والعلامات في الشوارع، الخ. وبالإضافة إلى ذلك، الموقع الجغرافي للتصوير يرتبط بالصورة التي يتم إلتقاطها.

وتنص قواعد البنتاغون، على ضرورة استخدام الإصدار الرسمي للعبة بوكيمون، المنتجة من قبل شركة Niantic، والتي يمكن تحميلها من متجر Google Play أو متجر أبل. وللعب، لا بد من التواجد في منطقة من غير المحظور ارسال علاماتها الجغرافية عبر الأنترنت. ولا يمكن استخدام الحساب الشخصي لجوجل، لتجنب تسرب محتمل للمعلومات الشخصية من خلال ثقب في اللعبة.

وقد أكدت المؤسسات المتخصصة في أمن الكمبيوتر، تزايد خطر لعبة البوكيمون. وهذا الخطر واقعي جدا. المشكلة هي أن اللاعبين الذين يسجلون من خلال جوجل، عن غير قصد ينقلون كل البيانات الشخصية إلى مختبرات Niantic من جوجل. ومعظم المستخدمين لا يبالون بأن مختبرات Niantic تحصل على البيانات الشخصية الخاصة بهم بشكل تلقائي.

مستخدمي نظام التشغيل IOS لا يسمح لهم بتعديل إعدادات الخصوصية، في حين أن اللعبة لا تتواجد حتى في قائمة البرامج الآمنة على Google Play، من أجل تحميل لعبة بوكيمون، يمنح المستخدم "حق الوصول إلى الشبكة بالكامل"، مما يجعل من الممكن "تغيير كافة المعلومات تقريبا في حساب Google الخاص بك."

وقد بدأت شركة Niantic  بتقديم الأعذار، وأصدرت البيان التالي:
"في الآونة الأخيرة، وجدنا أن عملية إنشاء حساب بوكيمون في نظام التشغيل، تطلب عن طريق الخطأ إذن من أجل الوصول الكامل لحساب جوجل الخاص بالمستخدم. ومع ذلك، بوكيمون غو تسعى فقط للوصول إلى المعلومات الأساسية عن ملفك الشخصي في Google (على وجه الخصوص، اسم المستخدم الخاص بك وعنوان البريد الإلكتروني)، وأية معلومات أخرى حول حساب جوجل غير لازمة. أصبحنا ندرك هذا الخطأ، وبدأنا العمل على تصحيح هذا الخطأ، لطلب إذن فقط للحصول على معلومات أساسية حول ملف المستخدم الشخصي في Google",

وبالإضافة إلى ذلك، فإن عددا كبيرا من البرامج المزيفة للعبة تتواجد في الانترنت. وأحصت شركة RiskIQ، عدد 215 إصدارا خبيثا من بوكيمون غو في متجر Google Play.

وعادة، لا يبالي المستخدم بمسألة أي من هذه الإصدارات هو الأصلي. لأن اعتاد على اعتبار جوجل قاعدة صلبة لتحميل مختلف البرامج والتطبيقات، لذلك يمكنهم الاختيار من بين مجموعة متنوعة من المنتجات المقلدة للمنتج الأصلي. ونتيجة لذلك، يتم تحميل برامج الفيروس على الهاتف.

وعلى الرغم من أن اللعبة لم يتم بعد إطلاقها في عدد من المناطق، تم تحميل نسخها المزورة، دون علم من قبل عدد كبير من المواطنين.

وأعربت وزارة الداخلية الكويتية عن انزعاجها من هذا الأمر، وأصدرت بيانا يوم 14 يوليو/تموز، حذرت فيه اللاعبين من التقاط صور للمباني الحكومية والقواعد العسكرية والمنشآت النفطية والمساجد ومراكز التسوق.

وحذرت الهيئة التنظيمية للاتصالات السلكية سكان الإمارات من أن "المجرمين يمكنهم استخدام تطبيقات تحديد الموقع الجغرافي لتتبع ضحاياهم. هذه الميزات جنبا إلى جنب مع كاميرا الهاتف تجعل المستخدمين عرضة لهجمات القراصنة".

كما أعلنت السلطات المصرية، في الوقت نفسه، عن النظر في تطبيق قواعد جديدة للعب على الانترنت. هاني الناصر، الرئيس السابق للمركز القومي للبحوث، حذر من أن بوكيمون غو "يمكن استخدامها للتجسس وجمع المعلومات".

وقال عباس شومان، نائب رئيس المعهد الإسلامي الأعلى في "الأزهر"، معارضا البوكيمون غو إن "هذه اللعبة تجعل الناس تبدو كما لو كانت في حالة سكر، وعيونهم تلتصق دائما بشاشات الهاتف المحمول".

كما ظهرت شائعات، نفتها في وقت لاحق وكالة الانباء الرسمية في مصر، بأن "الأزهر" أصدر فتوى تحرم لعبة بوكيمون غو لأنها تتعارض مع قواعد الإسلام.

في العام 2001، أصدر "الأزهر" فتوى ضد ألعاب بوكيمون الأصلية، لأنها تعزز "الأفكار الداروينية" (ذلك أن البوكيمون "تطورت" إلى أشكال مختلفة). وهذه اللعبة "تغرس في عقل الطفل أفكارا لا أساس لها، ذلك أن [المخلوقات] الخيالية لا وجود لها في الطبيعة".

ولكن بالفعل كانت هناك حوادث أكثر دنيوية. فاللاعبون لم يعودوا ينظرون إلى الواقع المحيط على ما هو عليه حقا. إذا كانت هناك حالات قام فيها المستخدمون المتحمسون بلعب بوكيمون غو بينما كانوا يقودون السيارة، ما أسفر عن اصطدامهم بشجرة وسقوطهم في هاوية وفي حفرة.

أما بالنسبة لاتصال بوكيمون مع الأجهزة العسكرية والاستخباراتية، فهو أيضا واضح جدا. فحقيقة علاقة شركات رأس المال الاستثماري في وادي السيليكون بوزارة الدفاع الأمريكية معروفة. كلا الجانبين بصدد الحصول على أرباح جيدة وتعزيز مصالحه في الفضاء الإلكتروني، وهذا بالنسبة لهم واقع مألوف.

مجلة Breaking Defense الخاصة الأمريكية، المكرسة للابتكارات العسكرية، أصدرت مؤخرا مقالا عن استراتيجية البنتاغون الحالية (برنامج توفير الدراية، الذي سيساعد الجيش الامريكي بشكل ملحوظ في التفوق على منافسيه - الصين وروسيا). والتقرير يبدأ بوصف لعبة بوكيمون غو، على أنها تساعد الجنود الامريكيين في الكشف عن التهديدات من واقع الحياة، بدلا من وحوش الرسوم المتحركة. والقضية الرئيسية تكمن في أسلوب معالجة المعلومات في مراكز التحليل، حيث تتم عملية البحث والرصد (وهذه العمليات، من غير الضروري أن يقوم بها البشر، ولكن بدلا من ذلك، روبوت أو آلة).

ويشيروليام روبر من قسم الفرص الاستراتيجية في البنتاغون، إلى اللعبة باعتبارها مثالا على العامل المساعد للوحدات القتالية التي سيتم استخدامها في الحروب المستقبلية.

وأجهزة الخدمات الخاصة أيضا مرتبطة بالأمر. ففي عام 2011، اخترقت مجموعة من متسللي لولزسك، خادم وكالة المخابرات المركزية ومكتب التحقيقات الفدرالي، وكذلك شركتي نينتندو وسوني. وقد تم حينها فضح العلاقة بين وكالات الاستخبارات الاميركية ومطوري البرمجيات وتطبيقات الألعاب.

وفيما يتعلق بالأرباح، فمنذ بدء بيع العبة وحتى 25 يوليو/تموز، حصلت شركة نينتندو على ربح 17.6 مليار دولار. وهذا التقييم انعكس فورا على الأسهم، التي هرع الوسطاء والمضاربون لشراءها اعتمادا على فارق سعر الصرف (وهنا نستذكر كلمات القس وسنجد الخطيئة).

وبالمناسبة، هذه اللعبة مناسبة أيضا لإعداد تحليل اجتماعية ونفسي عن الشخص الذي يلعبها. ما يمكن أن يفيد العديد من الجهات الأمنية المهتمة.

كما تم ابتكار ساعات بوكيمون خاصة، تهتز عند اقترابك من بوكيمون في منطقة ما. وتكلفة الساعة الأصلية تبلغ 35 دولارا فقط، ولكن بما أنها بيعت على الفور، يمكن الآن شراءها على موقع "اي باي" مقابل 200 دولار.

من الممكن بكل ثقة أن نفترض أن المعاتيه المفيدين (لوكالة المخابرات المركزية والبنتاغون وشركائهما من نينتندو)، سيواصلون في المستقبل القريب الاستثمار في هذه اللعبة. والتطبيق بحد ذاته، من المحتمل أن يحتاج قريبا إلى تطبيقات إضافية لزيادة السرعة أو جعل البطارية أكثر شحنا لصيد البوكيمون خلال ساعات أطول.

وبعد ذلك سيظهر منتج آخر، وستبدأ الحكاية من جديد!