بالأرقام والإعلام... الكورونا بين السياسة والعلم

01.03.2020

 

بين الشائعة السياسية على صفحات التواصل الاجتماعي وبين الرأي العلمي المتخصص يتزايد الخلط حول موضوع انتشار كورونا، فالشائعة السياسية بدأت بالقول بأن معهد ووهان (الصيني) للفيروسات قد يكون هو مصدر هذا الفايروس رغم أن هذا المعهد يحتوي على مختبر بأعلى مستوى من الأمان (مستوى السلامة البيولوجية فيه تصل إلى 4 ).
وادعت بعض الشائعات بأن المعهد يدرس فيروسات كورونا من الخفافيش، بما في ذلك الأقرب إلى السارس- CoV -2 ، والفيروس الذي يسبب COVID-19.، وشملت الدعاية القول بإمكانية أن يكون الفيروس قد تم نتيجة إجراء هندسة حيوية له في المختبر أو أن أحد عمال المختبر قد أصيب أثناء التعامل مع الخفافيش ثم نقل المرض إلى آخرين خارج المختبر، وهو الأمر الذي أصر باحثون من المعهد على نفيه وتأكيد عدم وجود صلة بين تفشي المرض ومختبرهم.
بالمقابل وقع 27 عالما من أشهر علماء الصحة العامة في العالم وينتمون لتسعة دول مختلفة ليست الصين بينها بيانا تم نشره في مجلة The Lancet( وهي من أقدم وأشهر المجلات الطبية في العالم)، ويقول العلماء في بيانهم " إننا ندين بشدة نظريات المؤامرة التي تشير إلى أن COVID-19 ليس له أصل طبيعي، كما نشيد بمهنية وكفاءة العاملين الصينيين في مجال الصحة العامة".
وقال البيان " لقد قام علماء من بلدان متعددة بنشر وتحليل "جينومات" (genomes) العامل المسبب لفيروس كورونا واستنتجوا بأغلبية ساحقة أن هذا الفيروس نشأ في الحياة البرية مثله مثل العديد من مسببات الأمراض ، وتدعمت هذه النتائج أكثر برسالة تأييد من رؤساء الأكاديميات الوطنية الأمريكية للعلوم والهندسة والطب والمجتمعات العلمية التي يمثلونها".

بالمقابل راجت شائعات تتركز حول نظرية المؤامرة وبأن الأمر كله مؤامرة على الاقتصاد الصيني وأحيانا عليها وعلى إيران وأحيانا أنه نمط ناتج عن المأكولات الصينية وأحيانا ذهب البعض إلى التفسيرات الغيبية وبأنه انتقام من الله ...الخ.
وعند مراجعة التاريخ المعاصر من عام 2000 إلى الآن (2020) تم الإعلان عن انتشار حوالي 10 أوبئة ( السارس) الذي بدأ أيضا في الصين عام 2002 ، انفلونزا الطيور، انفلونزا الخنازير، الكوليرا، وايبولا ، وفيروس زيكا، ، الحمى الصفراء، الطاعون،) وهذه ظهرت في دول مختلفة ( هاييتي، أو غرب إفريقيا، اليمن، البرازيل، افريقيا الوسطى، مدغشقر ، الصين..الخ)، وهو ما يعني أننا أمام ظاهرة تتكرر كل عامين أو ثلاثة منذ بداية هذا القرن. وقد تكون أسباب كل ذلك هي:
1- الارتفاع المذهل لمعدلات التداخل والانتقال لمناطق مختلفة ناهيك عن استخدام وسائل وأغذية وحيوانات تنتقل بكثافة هائلة جدا.
2- التلكؤ الدولي في التعاون المشترك لكبح الانتشار.
3- تسييس الوباء.
نخلص من ذلك الى الفرضية التالية: أن الكورونا أمر طبي بحت استثمره ثلاثة أطراف:
1- السياسيون لتشويه صورة خصومهم من خلال التشكيك في أدوارهم في هذا الموضوع.
2- شركات الأدوية.
3- الثقافات الشعبية المنتشرة في مواقع التواصل الاجتماعي...
ولكن من الضروري الإشارة إلى أن عدد الحالات المصابة حاليا ( الأول من مارس 2020) هو 87 ألف و208 أفراد ، والوفيات بلغت 2982، بينما عدد سكان العالم 7 مليار و 530 مليون نسمة ، وهو ما يعني:
أ‌- أن نسبة الوفيات هي : 0.0000396 %
ب‌- نسبة الإصابة هي : 0.00115 %
نعم الوقاية ضرورية ولا نقاش في هذا الجانب ، لكن ترك الأمر للسياسيين والدهماء أمر يستوجب على العلماء المزيد من فضح هؤلاء وكشف الموضوع كشفا علميا.