بعد الاجتماع الثلاثي وزيارة شويغو للأسد... ساعة الحسم تقترب في سوريا
تشهد دمشق حراك مكثفا في الفترة الأخيرة، فبعد اجتماع ثلاثي جمع قادة أركان العراق وإيران مع وزير الدفاع السوري، سيرغي شويغو وزير الدفاع الروسي حمل رسالة من الرئيس فلاديمير بوتين إلى نظيره السوري بشار الأسد.
هذا الحراك دفع العديد من المراقبين إلى طرح الكثير من الأسئلة حول الهدف من هذه الزيارات، وعن إمكانية القيام بعمل عسكري جديد من قبل دمشق وحلفائها، تجاه المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة السورية.
شرق الفرات
يرى الباحث السياسي السوري الدكتور سومر صالح في تصريحه لـ"سبوتنيك" أن هذه الاجتماعات تأتي وسط بيئة سياسية واستراتيجية شديدة التعقيد والحساسية بالنسبة لمحور المقاومة أولاً وللمنطقة ثانياً، فمن جهة أولى هو تأسيس لوضع جديد في الشرق الأوسط يجمع هذه الدول، ومن جهة أخرى هو خطوة استباقية ضد المخططات الأميركية الإسرائيلية الجديدة، ويقول: الوضع في الجزيرة السورية مختلف عن الوضع في إدلب الذي تسيطر عليها كاملاً التنظيمات الإرهابية بقيادة النصرة الإرهابية، وكلام القيادة السورية واضح تماما لجهة أولوية المصالحة في الجزيرة السورية على العمل العسكري ضمن إطار وحدة وسيادة أراضي الجمهورية العربية السورية ودستورها، وعدم الارتهان للولايات المتحدة الأميركية وتنفيذ أجنداتها.
ويضيف:
من المبكر قليلاً الحديث عن عمل عسكري في الجزيرة السورية لأن الأولوية اعتقد هي في إدلب للقضاء على التنظيمات الإرهابية، ومن جهةٍ ثانية فإنّ قرار القيادة السورية هو الحوار الوطني والمصالحة الوطنية… ولكن إن استمرت قسد بتعنتها ورهاناتها على الأميركي فالعمل العسكري لاستعادة المنطقة لسيادة الدولة سيكون حاضراً باعتباره ضرورة وطنية للحفاظ على وحدة أراضي الجمهورية العربية السورية.
أما الصحفي الكردي أرين شيخموس من القامشلي فقال في اتصال مع "سبوتنيك": أرى أن الشكل الحالي للمصالحة المعروضة من قبل الحكومة السورية غير مقبول من قبل الإدرارة الذاتية لشمال وشرق سوريا أو أي مجموعة سياسية في المنطقة شرق الفرات، كما لا يوجد أي حزب أو مكون سياسي في المنطقة يريد الصدام مع الجيش السوري، إنما يريد أن يكون هناك مفاوضات جدية بين الطرفين لإيجاد حل.
واستبعد وجود حل عسكري من قبل الحكومة السورية، لأن الوضع على الأرض لا يسمح بذلك، وأوضح: روسيا لديها تفاهمات مع الأمريكان في المنطقة، والطيران السوري محيد شرق الفرات، حيث يسيطر طيران التحالف، وفي حال قيام الجيش السوري بعملية عسكرية فهذا سيؤدي إلى صدام بين التحالف الدولي والجيش، وهذا ما لا يريده أحد، لذلك أستبعد أن تقدم دمشق على هكذا خطوة.
فيما يرى الباحث في الشؤون السياسية الدكتور أحمد مهدي من إيران بأن الأمريكان يحاولون استبدال وجودهم عن طريق داعش في منطقة شرق الفرات، بقوات سوريا الديمقراطية، وهذا ما يخلق مشاكل جمة لجميع الأطراف، ويزيد الامور تعقيدا، ويظهر مدى التناقض بين مصالح اللاعبين هناك ومن بينهم الأتراك والأمريكيين، كما أن وجود بعض الجيوب لتنظيم داعش الإرهابي يستدعي التنسيق بين جميع الأطراف.
وأكد في مقابلة مع وكالة "سبوتنيك": إيران تحاول التوسط بين الحكومة السورية وقوات سوريا الديمقراطية، باعتبار الأخيرة وقفت ضد داعش، لكن إيران ترى في ان للحكومة السورية لها الحق في بسط سيطرتها على كافة الأراضي السورية ويجب أن تكون كافة المكونات تحت لواء الدولة السورية، سواء كانت ذات اغلبية كردية أم لا.
موقف روسيا من قوات سوريا الديمقراطية
ويعتبر الدكتور صالح أن الموضوع في منطقة شرق الفرات سيتعقد لأن الولايات المتحدة داعمة للميليشيات، أما روسيا فهي حليف للدولة السورية، ومن المحتمل أن تتأزم الأمور بين روسيا والولايات المتحدة، ويوضح: لقد رأينا تخبطاً واضحاً مما يسمى قسد، فبعد قرار الانسحاب الأميركي من سورية (19/12/2018) قرروا التفاهم مع الدولة السورية وسمعنا أنهم زاروا روسيا في هذا الاطار، ولكن مع تغير الموقف الأميركي بدأوا بتغيير موقفهم ورفعوا الشروط التفاوضية إلى حدها الأقصى بما فيها موضوع السلاح والتمثيل الدبلوماسي والإدارات الذاتية، لذلك اعتقد أن العودة إلى تفاهمات هلسنكي بين بوتين وترامب (16/7/2018) قد يكون خطوة أولى لنزع فتيل وشرارة المواجهة الأميركية الروسية
أما الصحفي الكردي أيان فيرى أن الروس لاعبون أساسيون في المنطقة، ولا حل ولا مفاوضات من دونهم، ويؤكد: روسيا مطالبة بأخذ مطالب المكون الكردي في المنطقة بعين الاعتبار، وهي كانت قد شجعت الأكراد على الحوار مع الحكومة في دمشق، وهي مطالبة بضغط جدي على الحكومة السورية لبدء حوار تفضي إلى حل، بعيدا عن منطق القوة أو الحل العسكري.
ويتابع:
الأكراد دائما يريدون حلا، ومظلوم كوباني القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية قال بأننا سوريون والحكومة في دمشق سورية، ولا بد أن يكون هناك تفاوض في النهاية يفضي إلى حل يرضي الطرفين، وجميع القوات الأجنبية في المنطقة قد لا تتواجد في المستقبل، بينما الجيش السوري وقوات سوريا الديمقراطية هم أصحاب المنطقة وسيبقون في المنطقة.
عملية عسكرية مرتقبة في إدلب
يقول الباحث السياسي صالح: إدلب تقبع تحت سيطرة أشد التنظيمات الإرهابية تطرفاً في العالم وهيّ النصرة، وهي فرع تنظيم القاعدة، حيث لا مجال للمصالحة أو التسوية مع هذا الفصيل، ويجب إخراجه من سورية وهزيمته نهائياً، ولكن التعقيد الأصعب بإدلب مرتبطٌ بحماية تركيا لهذا الفصيل ورعايته وحمايته، لذلك موضوع العمل العسكري في إدلب مرتبط بأمرين اثنين باعتقادي:
الأول: فشل اتفاق سوتشي الثنائي (17/9/2018) وإعلان روسيا لفشله، وخصوصاً أن روسيا حاولت إحياءه بآلية سماها السيد لافروف "آلية الخطوة خطوة"ـ، في مؤتمر ميونخ (15/2/2019).
الثاني: محاولة تركيا فرض أمر واقع في إدلب عبر تسيير دوريات في المنطقة تحت مسمى تفاهمات مع روسيا بسياق أستانة، ليتسنى لها محاولة تثبيت الوضع القائم والانتقال نحو مسارٍ سياسيّ يكرّس الخطة التركية وقد تتضمن الخطة تغيير مسمى النصرة وهيكليتها، وهذا الأمر مرفوضٌ لدى سورية قيادةً وشعباً، لأنّ المطلوب هو القضاء قضاءاً نهائياً على الإرهاب في سورية.
ويختم قائلا:
أما توقيت العملية فهو حصراً بيد الجيش السوري الذي يقدره وفقاً لمعطياته الميدانية وتوجهات القيادة السّورية.
ويوافق الدكتور أحمد مهدي على طرح سومر صالح، من حيث أهمية التنسيق بين جميع الأطراف حول إدلب، ويكمل: وجود جماعات مسلحة في الشمال السوري ولا سيما منطقة أدلب، يستدعي التنسيق بين بلدان عدة من أجل السيطرة على هذه الجماعات ودحرها، واستعادة الحكومة للسيطرة على هذه المناطق، وزيارة وزير الدفاع الروسي إلى دمشق هي لوضع اللمسات الأخيرة على العملية العسكرية في إدلب، للقضاء على التنظيمات المسلحة هناك، ومسألة استعادة إدلب باتت مسألة فقط لا أكثر، ويمكن القول إن عملية العد العكسي قد بدأت.