روسيا مستعدة لإيجاد حل وسط مع اليابان

02.09.2016

تحدث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عشية لقائه مع رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي، على هامش المنتدى الاقتصادي الشرقية في فلاديفوستوك عن التعاون مع اليابان وعن المفاوضات حول وضع جزر الكوريل الجنوبية (جزر ايتوروب، شيكوتان، كوناشير ومجموعة جزر هابوماى).

الشرط الرئيسي - تعزيز السيادة اليابانية

وأشار الرئيس الروسي إلى ضرورة التوقيع على معاهدة سلام مع اليابان.كما أن مسألة "الأراضي الشمالية" الحساسة بالنسبة للجانب الياباني، يجب أيضا أن تحل، وفقا لبوتين، ولكن بالتتابع، بحيص لا يشعر أي من الطرفين وكأنه خاسر. العامل الرئيسي الذي يجعل من الممكن تحريك عملية السلام إلى الأمام، على حد قول الرئيس الروسي، هو توسيع التعاون بين اليابان وروسيا. عندما يكون مستوى الثقة المتبادلة بين اليابان وروسيا قابل للمقارنة بذلك المستوى بين روسيا والصين، حينها سيتم التوصل إلى حل وسط.

وبالتالي، فقد ألمح الرئيس الروسي إلى أن حل النزاعات الحدودية مع الصين، التي حصلت الصين بموجبه على عدد من المناطق التي كان يسيطر عليها الاتحاد السوفياتي وروسيا، لم يتحقق إلا لأن الصين هي قوة مستقلة وصديقة لروسيا. المشكلة الحقيقية في حل النزاع الإقليمي مع اليابان بالنسبة لروسيا، هي التعاون الاستراتيجي للبلاد مع الولايات المتحدة (في الواقع الاحتلال). في ظل هذه الظروف، نقل الجزر لليابان، سيعني نقلها فعليا للولايات المتحدة، المنافسين الجيوسياسي الرئيسي لروسيا.

العراقيل الأمريكية

وقد أشار الرئيس الروسي إلى إعلان عام 1956، كسابقة، فتح الطريق لمعاهدة السلام. ةقد فشل الإتفاق تحت ضغط الولايات المتحدة. وفقا للإعلان اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية وافق على نقل ملكية جزر هابوماي وشيكوتان لليبابان. ولكن الولايات المتحدة لم تكن مهتمة بتطبيع العلاقات بين اليابان والاتحاد السوفيتي، وأجبرت اليابان على التخلي عن حل الوسط المعقول. أن معارضة الولايات المتحدة لتقارب البلدين هي المشكلة الرئيسية في العلاقات الروسية اليابانية. ولمحت روسيا إلى أنها ترغب برؤية اليابان ذات سيادة ومستقلة في تصرفاتها. وسيؤدي هذا إلى فتح الطريق لمعالجة قضية الجزر.

المصلحة المشتركة

على مدى السنوات القليلة الماضية، أعربت اليابان عن رغبتها في توثيق العلاقات مع روسيا. وجاء إنضمامها للعقوبات ضد روسيا، تحت ضغط الولايات المتحدة والاستجابة الروسية، تسببت بردة فعل سلبية من قبل الشركات اليابانية المهتمة بما في ذلك بالتعاون مع شركات الدفاع الروسية. مرارا وتكرارا أعرب رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي بشكل غير رسمي عن رغبته بالاجتماع مع الرئيس الروسي، خلافا للموقف السلبي في هذا الصدد للولايات المتحدة. اليابان تحتاج روسية كمنظار إقتصادي، خصوصا أنها ممر النقل الوحيد لأوروبا، خلافا للمر الصيني "طريق الحرير"، فضلا عن كونها شريكا سياسيا، وشريك عسكري سياسي مهم.

من وجهة نظر الجغرافيا السياسية - اليابان الشريك الأبرز لروسيا في الشرق الأقصى. وعلى الرغم من موقعها الجزري، اليابان من حيث القيم الثقافية هي قوة قارية كلاسيكية. ولاحظ هذه المفارقة، الجيوسياسي الألماني كارل هاوسهوفر في النصف الأول من القرن العشرين. رائد الجغرافيا السياسية هاوسهوفر، اقترح فكرة تشكيل كتلة قارية على طول محور "برلين - موسكو - طوكيو". مثل الصين، اليابان لديها امكانات اقتصادية وإبتكارية خطيرة، يمكن أن تسهم في تنمية الشرق الأقصى الروسي، إلا أنها وجهة نظر ديموغرافية، لا تشكل خطرا على المناطق الحدودية ذات الكثافة السكانية المنخفضة في روسيا، خلافا للصين.

السلام أولا ومن ثم المفاوضات

في نفس الوقت روسيا لا تربط بشكل مباشر توقيع معاهدة السلام بمسألة وضع الجزر في جنوب الكوريل. أولا، توقيع معاهدة السلام، ثم قضية الكوريل، هذا هو موقف الجانب الروسي. تصرفات الجانب الياباني الساعية للتقارب مع روسيا، بالإضافة لاستعدادها للاستثمار في روسيا (توجد مشاريع محددة تم تقديمها في المنتدى الاقتصادي الشرقي)، تبين أن هذا الرأي مفهوم ومقبول في طوكيو. وفي الوقت نفسه، الحكومة اليابانية مجبرة على مراعاة الرأي العام، الذي يعتقد أن روسيا يمكنها تسليم الجزر الأربع كلها مرة واحدة لليابان. روسيا تفضل تأجيل مناقشة القضية، لحين تصبح اليابان أكثر استقلالا عن الولايات المتحدة (الأمر المثالي لروسيا، خروج الجيش الامريكي من اليابان)، وإذا كان الكرملين مستعدا للمناقشة نظريا، فهو سيعود لشروط إعلان موسكو المشترك لعام 1956 .

بالنسبة لابي، وفقا للخبراء، التوقيع على معاهدة سلام مع روسيا هو أيضا مسألة هيبة شخصية. في التقاليد اليابانية، المفاوضات الدبلوماسية المباشرة يجب أن تختم بنتيجة ناجحة، ولهذا السبب، لتجنب الخسارة، جميع القضايا الخطيرة يتم حلها عن طريق وسطاء. ولذلك، فإن حقيقة زيارة ابي الى روسيا واجتماعه مع فلاديمير بوتين – تشير إلى أن الطرفين قد اتفقا بالفعل على القضايا الرئيسية للتعاون، وهما على استعداد لكشفها للعالم.