الخلل الديموغرافي في لبنان

18.03.2015

وبعد مضي نحو ربع قرن على اتفاق الطائف، ما زالت سجلات إحصاء 1932 هي الركيزة الوحيدة الباقية،

والمعتمدة اليوم في تعداد السكان، وهي الأساس الذي يتم الرجوع إليه في تنظيم اللوائح الانتخابية، وتقاسم

التمثيل السياسي الطائفي للدولة اللبنانية، ويبدو على ضوء تطوّر الأحداث التاريخية، أنه من غير الممكن

إجراء التعداد السكاني، حتى ولو بعد مئة عام على التعداد الأول، وذلك في ظل الانقسامات السياسية الحادة،

واختلاف الرؤية حول المواطنية والتمثيل السياسي، ثم التبايّن الشاسع في مقاربة قضايا المغتربين واللاجئين،

وذلك في غياب قانون واضح يُنظم عملية تجنيس غير اللبنانيين، ويُمهد لإرساء واقع سياسي جديد، يسمح

بوضع صيغة ثابتة ومتينة لبناء دولة لبنان المعاصر.

على هذا الأساس، وبعد انقضاء فترة طويلة على التعداد السكاني الأول في تاريخ لبنان، ما زالت سجلات

إحصاء 1932، هي الثابتة في مواقعها الجغرافية الأولى من دون تبديل، وهي المرجع الرئيسي لحفظ وثائق

قيد النفوس، وتسجيل الوقوعات الحيوية من ولادات ووفيات، من دون الأخذ بالاعتبار تغيّر العوامل الجغرافية

والتحركات الداخلية للسكان، بينما لا زال هاجس الخلل الديموغرافي القديم يُقلق اللبنانيين، ويحول دون إجراء

إحصاء جديد للبنانيين المقيمين والمغتربين، برغم تزايد عدد المغتربين، وتوسع نفوذ الشتات اللبناني في عصر

العولمة، والحاجة الماسة لإشراك المغتربين في تنمية بلدهم الأول.

عدد سكان لبنان

بلغ عدد السكان المقيمين في لبنان، بحسب آخر تقديرات (أجرتها إدارة الإحصاء المركزي في لبنان ACS)،

العام 2007، نحو 4,042,858 نسمة، حيث تبيّن أن نسبة المقيمين الأجانب (بمن في ذلك من الفلسطينيين)،

كانت تمثل نحو 9 في المئة، وغالبيتهم من اللاجئين الفلسطينيين الذين جاؤوا منذ ما بعد العام 1948. وتشير

التقديرات الأخيرة التي سجلتها «الأونروا» في لبنان العام 2012، إلى أن عدد اللاجئين الفلسطينيين بلغ نحو

436,154 لاجئاً. كما سجلت «الأونروا» عدداً آخر من اللاجئين الفلسطينيين، الذين دخلوا لبنان هرباً من

الحرب الأهلية في سوريا.

وبلغ عدد اللبنانيين المسجلين في سجلات النفوس حتى نهاية العام 2014، ما مجموعه 5,227,000 نسمة،

ويضم هذا العدد جميع حاملي الجنسية اللبنانية، سواء من المقيمين في لبنان، أم في الخارج، وهكذا يبلغ متوسط

الزيادة السنوية في عدد اللبنانيين 73,000 نسمة، وذلك كمتوسط عام خلال السنوات العشر الماضية، أي ما

نسبته نحو 1,4 في المئة سنوياً.

أما بالنسبة لعدد السكان المقيمين، ممن يحملون الجنسية اللبنانية، وهم يقيمون في لبنان، فتبلغ أعدادهم بحسب

بعض التقديرات، نحو 3,9 ملايين نسمة، وهم يشكلون نسبة تبلغ 74,6 في المائة من مجمل اللبنانيين، الذين

يحملون الجنسية اللبنانية، وذلك في مقابل 25,4 في المئة من حاملي الجنسية اللبنانية المقيمين خارج لبنان،

ويصل عددهم إلى حوالي 1,3 مليون نسمة.

توزيع السكان غير اللبنانيين

بلغ مجموع عدد السكان المقيمين في لبنان بحسب إدارة الإحصاء المركزي 3,759,136 نسمة العام 2007

(ما عدا السكان المقيمين في المخيمات الفلسطينية)، مع كثافة 362 شخصا/كم2، وقد ارتفع عدد السكان

المقيمين في لبنان (ما عدا اللاجئين السوريين والفلسطينيين)، ليبلغ ما يقارب 4,2 ملايين نسمة العام 2014.

لبنان دولة بلا أرقام

لا توجد في لبنان أرقام موحدة حول أعداد المهاجرين واللاجئين من العرب والأجانب، فهناك اليوم مصادر

عدة للأرقام بحسب طبيعة عمل المؤسسات الحكومية، من وزارة العمل التي تمنح رخص العمل للأجانب في

لبنان، إلى وزارة الشؤون الاجتماعية التي ترعى شؤون اللاجئين، إلى المديرية العامة للأمن العام اللبناني التي

تمنح وثائق الإقامة وتأشيرات الدخول للأجانب، إلى إدارة الإحصاء المركزي التي تقوم بتحقيقات دورية،

وتتولى مهام إصدار الدليل الإحصائي السنوي، إلى مصلحة النفوس في المديرية العامة للأحوال الشخصية في

وزارة الداخلية، إلى غير ذلك من المديريات العامة، بحيث تتعدد المصادر والمواقع، وأحياناً تختلف معها

الأرقام، خصوصاً منذ العام 1977، بعد إلغاء وزارة التصميم العام، وإنشاء «مجلس الإنماء والإعمار»

وغيره من المجالس والإدارات العامة، وعدم إجراء التعداد السكاني منذ العام 1932، ما فتح الباب على العديد

من التقديرات المبنية على استقصاءات، تبيّن لاحقاً أنها لا تتطابق مع الواقع السائد في لبنان، سواء بالنسبة لعدد

السكان المقيمين، من لبنانيين وأجانب، وتوزيعاتهم الجغرافية، أم لعدد المغتربين ما وراء البحار..

لهذا سوف نوضح مصادر التقديرات الواردة في الجدول السابق، بحيث تتضح كيفية الوصول إلى كل من

الأرقام التي ذكرناها، وقد اعتمدنا معدل المتغيّر المتوسط في مختلف التوقعات، بحيث أن مخزون المقيمين

الأجانب، والبالغ نحو 3,720,000 نسمة، هو مخزون واسع يتكوّن بمعظمه اليوم من اللاجئين على اختلاف

جنسياتهم، والعمال المهاجرين، والمهاجرين غير الشرعيين، وذلك بحسب المعطيات والمصادر الآتية:

] بالنسبة للعمال السوريين في لبنان، ففي العام 2005، بلغ عدد العمال السوريين المقيمين في لبنان بشكل

موقت، حوالي 500,000 عامل.

] عدد اللاجئين الفلسطينيين قبل الأزمة السورية، بحسب بيانات الأونروا لعام 2011، وحيث يوجد 12 مخيّماً

للاجئين الفلسطينيين في لبنان. وقد بلغ عدد من هم برعاية الأونروا العام 2007، نحو408,437 لاجئاً، كما تم

تسجيل نحو 44,000 لاجئ فلسطيني من سوريا لدى «الأونروا» في لبنان حتى منتصف العام 2014.

] بلغ عدد اللاجئين السوريين إلى لبنان، بحسب سجلات المفوضية العليا للاجئين، نحو 1,178,035 لاجئ

مسجل، وذلك في 2-3-2015.

عشرات الآلاف من عديمي الجنسية في لبنان

ترى المفوضية العليا للاجئين، في تقرير النداء العالمي 2014 - 2015، أنه «لا تتوفر أعداد دقيقة لعديمي

الجنسية في لبنان، ولكنها قد تصل إلى 200,000، وأن ثمة اعتقادا بوجود عشرات الآلاف من عديمي الجنسية

في لبنان. ويبرز في لبنان موضوع الاتجار بالأجانب، لذلك فقد وُضع لبنان على لائحة المراقبة في المرتبة

الثانية «للدول التي تعاني هذه المشكلة»، ووصف بأنه مركز للاتجار بالأفراد الأجانب، خصوصاً في مجال

العمالة القسرية، وأنه يمثل نقطة ترانزيت للنساء والأولاد من أوروبا الشرقية، الذين ينتقلون إلى بلدان أخرى

في الشرق الأوسط.

أما بالنسبة لعدد اللاجئين العراقيين، فمنذ بداية الأزمة السورية، انتقل معظم اللاجئين العراقيين إلى لبنان،

خصوصاً من المسيحيين الفارين من شمال العراق. يُضاف إلى هذه الأرقام أن عدد اللاجئين العراقيين في

الخارج (كذلك بحسب تقديرات «الإسكوا» العام 2007)، كان يبلغ 2,279,200 لاجئ، بينهم الكثير من الأسر

الميسورة التي تعيش في لبنان.